□ حكايات ليال ملاح: ● وهج الليلة التاسعة

رحال لحسيني

“شهرزاد” تنهض من خياله، تستعيد عافيتها وبهائها بعد متاعب فارقت فيها بهجتها وضحكاتها الخافتة اللذيذة، واستوطن الشجن الشقي دواخلها على من رحلوا أو تألموا أو قضوا ليالي قاتمة في العراء.

“شهريار” يستعيد بعض وهجه، ينتشي من نظارتها ووميضها، يحزن لحزنها ويفرح لفرحها، قلبه معلقا في صوتها وملامحها، في بسماتها وعبوسها وسكونها.

مرت أيام قاسية، حلت أياما لا تشبهها. كلما أومأت له أو خاطبته “هكذا كان”، دنياه منتشية، مقبلة عليه وهو سيدها، تدب حيوية الطفولة في عروقه حين تبتسم، وتزهى الحياة في عينيه.

وحين تعلو محياها زعانف موجة صاخبة كسمكة تقفز فوف بساط ماء اليَم الفسيح لتنفث تؤثر جسمها الطري ثم تغوص، تنفر روحه منه تبتل مسامه بضغط خانق لا يحتمل، وإن اشتكى مما حل به زادته غما وهما.

أيامه نبضاتها، وذكرياته تضاهيها، وأمالها تحمله إلى حيث تريد.

“أن تلازم صحبة طيبة يزهر صداها في طيب روحك، وإن تفتحت في خاطر يومك غيمة حبلى بالردى أو الأسى هزمتك الأماني، وتجلت في وجهك مطبات الحياة”.

هذا الليل جميل لا يريده “أن ينجلي” في صفوه وقيد هواه الذي لا يشتهي “أن ينكسر” يمتد في الحكاية إلى ليلة أخرى*.

وادي زم، 3 أكتوبر 2023

———————————
* تحوير رمزي لسياق المقطع الشهير لقصيدة “لحن الحياة” لأبي القاسم الشابي، تكريما لهذا الشاعر العظيم وتحية لأصدقائنا والمناضلين التوانسة.




قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.