آثار المصالحة الخليجية على المغرب…

عبد اللطيف شعباني (بتصرف):

إن طبيعة المرحلة التي يجتازها العالم العربي، وبالخصوص دول الخليج تحتم ضرورة تحقيق المصالحة بين الأشقاء الخليجيين خصوصا مع التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة والتحركات القوية لإيران.
لقد تنفست دول الخليج الصعداء بعد انفراج ملف وحدتها التعاونية، بعودة علاقات السعودية وقطر إلى سابق عهدها، بعد انقطاع دام حوالي ثلاث سنوات عجاف على الدبلوماسية والاقتصاد والإعلام الخليجي.

فهناك إدراك لدى القادة الخليجيين بأن هناك استنزافا متبادلا فيما بينهم، سواء على المستوى الدبلوماسي أو على المستوى العسكري، أو حتى على المستوى الإعلامي الذي بدا من خلال التراشق الإعلامي عبر قنواتهما معا، قناتي الجزيرة و العربية، وهو ما يضعفهما معا، أي أنه يضعف قطر، ويضعف المحور الآخر الذي به كل من السعودية والإمارات.
اليوم في زمن العولمة وزمن ما بعد كورونا لن يكون هناك وجود لدولة قومية واحدة يمكنها القيام بكل شيء، فلا بد للدول أن تدخل في تحالفات وتكتلات وتفعيل هذه الإطارات الإقليمية، لأنها هي السبيل الأوحد لاستمرارية هذه الدول.

هذا الأمر لا ينحصر فقط على دول الخليج فقط، وإنما كذلك نحن في المغرب العربي. فإن كان هناك من درس ينبغي استخلاصه من المصالحة الخليجية، هو أن ينتبه الإخوة الجزائريون إلى هذه المسألة وأن يبادروا بدورهم إلى تفعيل اتحاد المغرب العربي وترك المناوشات الثنائية جانبا.
وفي هذا السياق يمكننا القول على أن المصالحة هي ضرورة حتمية لجميع الأطراف، لقطر والسعودية وحتى للإمارات.

فما هي إذن آثار المصالحة الخليجية على المغرب؟

على المستوى الدبلوماسي يلاحظ أن بيان “قمة العلا”، كان داعما للوحدة الترابية المغربية، وهذا راجع إلى منطق الحياد الإيجابي للمغرب مع مختلف الأطراف الخليجية.

إضافة إلى أن الدعم الخليجي هو دعم قوي للمغرب على مستوى الاستثمارات، والمغرب مقبل على ورش تنموي قوي جدا بالنسبة لمجموعة من الإصلاحات، خصوصا في مناطق الجنوب، وهو بحاجة ماسة إلى الاستثمارات الخليجية التي سيكون لها حضور أكبر على هذا المستوى.

كذلك على مستوى الإصلاحات الهيكلية التي يقوم بها المغرب، والتي تشكل فيها دول الخليج دعامة قوية جدا، وهذا عامل مهم.

ولا ننسى أن المغرب في حاجة إلى الدعم الخليجي في أورقة المم المتحدة بالنسبة لقضاياه العادلة، ونحن نتحدث عن دول لها وزن كبير على مستوى الأمم المتحدة، وبالتالي فتذويب الخلافات بين الأشقاء الخليجيين سوف يخدم القضايا المغربية، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية.

فمن غير الاستثمارات والمواقف الدبلوماسية الخليجية الداعمة للمغرب، هناك أوجه أخرى تهم توظيف اليد العاملة وتفعيل العديد من الاتفاقيات الثنائية أو المتعددة التي عقدها المغرب مع الدول الخليجية في مجالات متعددة، كالسياحة، التعليم، القضاء.

دون أن ننسى أن للمغرب جالية متواجدة في هذه الدول الخليجية، فهذه المصالحة ستخدم تفعيل العديد من الاتفاقيات، سواء تلك التي عقدها مع قطر أو مع السعودية أو الإمارات بما يخدم مصلحة الطرفين معا.

وفي نفس الوقت فالمغرب يشكل رقما أساسيا في المعادلة الخليجية، فقد لاحظنا كيف كان المغرب حاضرا في الدفاع عن أمن دول الخليج، والذي يعتبر مسألة إستراتيجية بالنسبة له، وأثبت الواقع، أن الداعم الأساسي لأمن الخليج هو المغرب وليس بلدا آخر.

فبالنظر إلى ما تقوم به إيران في اتجاهها نحو تطوير الأسلحة النووية، وما يشكله من خطر على دول الخليج، كان لابد للأخيرة أن توفر حماية عسكرية قوية جدا، والمغرب من بين الدول العربية الذي يقدر على توفيرها، أولا بتجربته، ثانيا بالعتاد العسكري المتطور الذي يتوفر عليه، إضافة إلى الدور الدبلوماسي القوي الذي يشكله المغرب في المنتظم الدولي.

يعتبر المغرب إذن رقما أساسيا في معادلة الأمن الخليجي، وهناك إدراك عميق من دول الخليج بهذه المسألة، وأثبتها المغرب في عدةةمناسبات بأنه شريك مخلص لضمان أمن واستقرار الدول الخليجية.




قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.