بقلم صالح اليوسفي
في غمرة الظلام، ووسط أنفاسهن المثقلة بالسم، ظن سرب الأفاعي أن الأرض ستنحني لدسائسهن، وأن الأيام ستنسج لهن ثوب الانتصار. تواطأن على الحيلة، نسجن خيوط المكائد بمهارة، وظنن أن لا شيء سيفلت من قبضتهن. لكن الريح عصفت بما دبرن، فانفرطت خيوط المؤامرة قبل أن تكتمل، وارتدت السهام التي أطلقنها نحوهن، فطعنت من خططن لها.
سعين لإغراق من يكرهن في مستنقع الوحل، فكانت أقدامهن أول من غاص في القاع. زين الأباطيل بريقا زائفا، لكن الخديعة لم تعمر طويلا، إذ انكشف الزيف قبل أن يكتمل المسرح، وافتضحت الألاعيب تحت ضوء الحقيقة. تكالبت أنيابهن على فريسة واهمة، ولم يدركن أن ما طاردنه لم يكن سوى انعكاس وجوههن في مرآة الواقع.
في كل مجلس اجتمعن فيه، كانت الكلمات المسمومة تسري كالنار في الهشيم، لكن بدل أن تحرق غيرهن، لم تجد وقودا سوى أعشاشهن المهترئة، وبدل أن ينهار خصومهن، كن أول الساقطات تحت وطأة دسائسهن، كمن يحفر حفرة لغيره فيزل فيها قبل أن يراها تطبق على سواه. كانت خطواتهن على درب الغدر ثابتة، حتى تعثرت الواحدة تلو الأخرى، فاكتشفن أن الطريق الذي عبدنه بالحقد لم يكن إلا دائرة مغلقة تفضي إلى اضعافهن.
في النهاية، تبددت قهقهاتهن الماكرة وتحولت إلى أنين منقطع وتسللت خيوط الهزيمة إليهن كما تسري السموم في العروق. تفرقت السبل، وسقطت الأقنعة، ولم يبق سوى صمت الخيبة، ينهش كل واحدة منهن على حدة.