عبد اللطيف شعباني
يعتبر كتاب فن اللامبالاة كتابا في التنمية البشرية. وتقوم فكرة الكتاب على أهمية تقبل الفشل والألم والتعايش مع الواقع، فهو المفتاح الرئيس لحياة سعيدة وثرية وليس التفكير الإيجابي، وينصحنا مارك مانسون بأن نعرف حدود إمكانياتنا وأن نتقبلها وأن ندرك مخاوفنا ونواقصنا وأن نكب عن التهرب من ذلك كله ونبدأ بمواجهة الحقائق الموجعة حتى نصبح قادرين على أن نجد ما نبحث عنه من جرأة ومثابرة وصدق وحب للمعرفة، فيرفض الكاتب فكرة أن تكون دائمًا إيجابيًا.
وصاحب الكتاب هو مارك مانسون، و هو مؤلف ومدون أمريكي. أكمل دراسته الجامعية وتخرج من جامعة بوسطن سنة 2007، وبدأ أول مدونة إلكترونية له في مجال إستشارات المواعدة سنة 2009، ومن أشهر مؤلفاته : كتاب فن اللامبالاة لعيش حياة تخالف المألوف وكتاب خراب : كتاب عن الأمل.
ملخص كتاب فن اللامبالاة
الفصل الأول : لا تحاول !
يبدأ الفصل الأول من كتاب فن اللامبالاة بالحديث عن قصة حياة الروائي الشهير بوكوفسكي فقد عانى الفشل في معظم سنين حياته وقوبلت كتاباته بالرفض ، وكان مدمنًا وعندما بلغ بوكوفسكي الخمسين عامًا وافق أحد المحررين على نشر كتاباته ، فكتب أول رواية له بعنوان مكتب البريد وهنا بدأ نجاح بوكوفسكي بعد سنوات من الفشل وإحتقار الذات، وعبارة لا تحاول هي العبارة التي على قبره. يقول الكاتب أن نجاح بوكوفسكي لم يكن نابعًا من تصميمه على الفوز ؛ بل من حقيقه إدراكه أنه فاشل، وهذا ما تعنيه عبارة لا تحاول.
يقول مارك مانسون أن النصائح بالتوقعات والآمال الإيجابية ( كن أكثر ثراءً، أكثر ذكاءً، أكثر صحة، أكثر سعادة…) هي في الواقع نصائح تركز على ما أنت مفتقر إليه وما تراه نقائصك الشخصية، فعلى سبيل المثال أنت تتعلم أشياء من قبيل أفضل الطرق لكسب المال ، لأنك تحس أن المال الذي تجنيه ليس كافيًا، فالتركيز على ما هو إيجابي لا يفعل شيئًا سوى تذكيرنا مرة بعد مرة بما نحن مفتقرون اليه.
وتحدث الكاتب في هذا الفصل عن الحلقة الجحيمية التي تكرر نفسها وهي أن ينتابك القلق حيال مواجهة شيء في حياتك، ثم يجعلك هذا القلق عاجزًا عن فغل أي شيء، ثم تتساءل عن سبب قلقك، فتصبح قلقًا بخصوص ما يتعلق بقلقك. فإذا كنت غاضبًا ولا فكرة لديك عما يجعلك غاضبًا تبدأ بإدراك أنك تغضب يسهولة، ما يسبب لك إنزعاجًا وغضبًا أكثر وانت تكره ذلك فتصبح غاضبًا من نفسك لانك تغضب من غضبك. يقول الكاتب أن الرغبة في التجارب الإيجابية تجربة سلبية وقبول التجارب السلبية تجربة إيجابية، وكلما سعيت لأن يكون إحساسك أفضل تناقص رضاك وهذا ما يسمى القانون التراجعي.
وتحدث الكاتب مفهووم فن اللامبالاة الذكي بأن عدم الإهتمام الزائد بأي شيء لا تعني أن لا تهتم بكل شيء ؛ ويوضح هذه المسألة من خلال ثلاث أمور : الأمر الأول أن عدم الإهتمام الزائد لا يعني عدم الإكتراث مطلقًا، بل يعني أن تهتم على النحو الذي يريحك. والأمر الثاني و حتى لا تهمك الصعاب لابد من الإهتمام بما هو أكثر أهمية منها. والأمر الثالث هو سواء أدركت ذلك أم لم تدرك فإنك دائمًا تختار ما تمنحه إهتمامًا.
الفصل الثاني : السعادة مشكلة
يروي كتاب فن اللامبالاة في هذا الفصل قصة الأمير الذي كان يعيش حياة الترف فقرر التسلل خارج أسوار القصر، فيرى معاناة البشر لأول مرة لينصدم مما رأى، فيقرر أن يهرب خلسة من القصر لعيش هذه المعاناة، ومرت السنين ليدرك أن حياة المعاناة لم تزوده بالبصيرة التي رغب فيها، فقرر أن يجلس تحت شجرة عند ضفة النهر، وألا ينهض حتى تأتيه فكرة عظيمة، إلى أن يتوصل بعد تسعٍ وأربعين يومًا إلى إدراك عدد من الأمور العظيمة ليكون لنفسه فلسفة قدمها للعالم تقوم على أن الألم وزالخسارة أمران لا مفر منهما، عرف هذا الأمير فيما بعد بإسم بوذا. يقول الكاتب ” أن المرء من الممكن أن يكسب السعادة مثلما يحقق لنفسه القبول في كلية الحقوق، وأن القلق وعدم الرضا جزءان أصيلان من الطبيعة البشرية.
يوضح كتاب فن اللا مبالاة أن السعادة تأتي من حل المشكلات، فالمشاكل ثابت من ثوابت الحياة، وحلك لمشكة معينة يخلق مشكلات جديدة، فعندما تحل مشكلتك الصحية عن طريق الذهاب إلى النادي، فإنك تخلق مشكلة إضطرارك إلى النهوض في وقت أبكر وتضطر للإستحمام وتغيير الملابس قبل الذهاب إلى العمل. تأتي السعادة من حل المشكلات وعدم تجنبها وعليك البعد عن إنكار الواقع وتجنب عقلية الضحية ولوم الآخرين أو الظروف على مشكلاتك.
يقول الكاتب: الناس يعلون من شأن العواطف والإنفعالات، فهي تنشأ لغاية واحدة وهي أن تساعدنا في العيش وإعادة إنتاج أنفسنا، فالإنفعالات ليست إلا إشارات توجهك نحو تغيرات مفيدة لك، وليست حقائق.
إختر ما تكافح من أجله، ما الألم الذي تريده في حياتك ؟ وما انت مستعد لأن تكافح من أجله؟ فالكفاح هو المحدد الأول لمجرى حياتك، فإذا رغبت بمكتب أفضل وأجر أفضل يجب أن تكون مستعدًا لأسبوع عمل من ستين ساعة والغرق في أكوام الورق.
الفصل الثالث : لست شخصًأ خاصًا مميزًا
يبدأ الكاتب هذا الفصل بالحديث عن أحد معارفه فقد كان شخصًا إيجابيًا نشطًا طوال الوقت ولا تجده إلا منشغلًا أشد الإنشغال في شيء ما، قد كان يبدو شخصًا يسعى لهدفه حقًا، ولكنه في الحقيقة كان شخصًا فاشلًا، كلام منغير فعل، وكان يقول أن اللذين يسخرون منه أو ينصحونه بالتخلي عن أفكاره أنهم أقل خبرة ولا يفهمون عبقريته وأنهم يضيعون على أنفسهم أكبر فرصة في حياتهم. يقول الكاتب أن مجرد إحساسك الجيد تجاه نفسك لا يعني شيئًا إلا إذا كان لديك سبب وجيه يجعلك تحس بذلك، ويسمي حلة صديقه بحركة تقدير الذات التي تقيس تقدير الذات من خلال مدى إيجابية إحساس الناس تجاه أنفسهم، فهم يشعرون بشعور زائد بالإستحقاق الذي يجعل الناس في حاجة لأن يكون لديهم شعور طيب تجاه أنفسهم حتى لو كان ذلك على حساب من حولهم.
هناك مشاكل نحس بعدم القدرة على حلها ما يجعلنا نشعر بالتعاسة والعجز، فنشعر بلا وعي أننا أشخاص مميزون أو أن نكون مصابين بعطب ما حتى تصيبنا هذه الشاكل الخاصة الفريدة، فيصير لدينا ذلك الشعور الزائد بالإستحقاق الذي يظهر من خلال شكلين: أ- أنا شخص رائع وأنتم عاجزون، وهكذا أنا أستحق معاملة خاصة، أو ب- أنا عاجز وأنتم رائعون وبالتاي أنا أستحق معاملة خاصة. لا يوجد مشكلة شخصية غير موجودة إلا عندك أنت، فمن الممكن أن يكون ملايين الناس قد عانوا المشكلة أو يعانون منها، وهذا يعني أنك لست شخصًا خاصًا فريدًا عن الآخرين.
يتمتع معظم الناس بسوية في معظم الأشياء التي يفعلونها، وحتى إذا كنت إستثنائيًا في أمر من الأمور فقد تكون عاديًا أو أقل من عادي في معظم الأمور الأخرى، فلكي تكون عظيمًا في أمر من الأمور لا بد من تكريس الكثير من الوقت والطاقة من أجل هذا الأمر. فئة قليلة من الناس تتمكن أن تصير إستثنائية في أكثر من أمر، والاشخاص النادرون الذين يصيرون إستثنائيين حقًا في شيء ما لا يفعلون ذلك لأنهم يرون أنفسهم إستثنائيين بل لأنهم ليسو عظماء على الإطلاق ويسعون لتطوير أنفسهم وتحسينها.
إقرأ أيضًا: أهم الأفكار كتاب قوة الان للكاتب ايكهارت تول
الفصل الرابع : قيمة المعاناة
يحتوي كتاب فن اللامبالاة قصة أخرى لملازم ياباني أمر أن لا يستسلم، فلم يصدق هذا الملازم أن الحرب إنتهت على الرغم من المناشير التي القتها اليابان بالتعاون مع الولايات المتحدة معلنة إنتهاء الحرب، فبقي في الأدغال لمدة ثلاثين سنة، ويسب العب لسكان المكان ويبدأ بقتل المدنيين والنوم على التراب والعيش على الحشرات القوارض إلى أن سمع به شاب مغامر، فقرر البحث عنه ووجده. إن الإنسان كثيرًا ما يقرر تكريس حياته من أجل قضية لا معنى لها، فعندما عاد هذا الملازم إلى اليابان إكتشف أنه لم يكن لقتاله أي معنى فاليابان التي حارب لأجلها لم تعد موجودة.
يقول الكاتب إن إدراك الذات يشبه البصلة، له طبقات كثيرة، والطبقة الأولى من بصلة إدراك الذات هي فهم المرء الأولي لمشاعره، والطبقة الثانية هي قدرتنا على سؤال أنفسنا عن سبب إحساسنا بهذه المشاعر والإنفاعالات بالذات، وهناك المستوى الثالث والأخير وهو أكثر عمقًا ويسبب ذرف الدموع أكثر من أي مسستوى آخر إنه مستوى قيمنا الشخصية (لماذا نعتبر هذا الشيء نجاحًا أو فشلًا).
هناك قيم ومقاييس أفضل من غيرها فنها ما يؤدي إلى مشكلات جيدة يسهل حلها ومنها ما يؤدي إلى مشكلات صعبة الحل، وهناك قيم لا قيمة لها وهي تخلق المشكلات للناس وهي المتعة، والنجاح المادي، وأن تكون دائمًا على حق، والحرص دائمًا على الإجابية، هذه القيم هي مثل سيئة ضعيف من أجل حياة الإنسان، والبعض من أعظم اللحظات في حياة الإنسان هي لحظات غير ممتعة وغير ناجحة، كل ما عليك هو تثبيت قبم ومقاييس جيدة وسوف تأتي المسرة والنجاح والمتعة كنتيجة طبيعية لذلك.
الفرق بين القيم الجيدة والقيم السيئة هو أن القيم الجيدة مؤسسة على الواقع، وبناءة إجتماعيًا، وآنية قابلة للضبط، أما القيم السيئة فعلى العكس من ذلك تمامًا. يستطيع الإنسان أن يصل داخليًا إلى القيم الجيدة، أما القيم السيئة فعادة ماتكون معتمدة على أحداث خارجية.
الفصل الخامس: أنت في حالة إختيار دائم
إن الفرق الوحيد بين مشكلة مؤلمة ومشكلة تملأ كيانك كله طاقة هو إحساسك بأنك أنت من الختار المشكلة بنفسك وانك مسؤول عنها. يناقش كتاب فن اللا مبالاة قصة ويليام جيمس الذي كان يعاني من مشكلات صحيو وكان الفاشل الوحيد في أسرته، فقرر إجراء تجربة صغيرة وهي أن يمضي سنة كاملة يعتبر مسؤولًا عن كل ما يحدث في حياته وسيفعل كل ما في وسعه لتغيير حياته، ليصبح ويليام جيمس أب علم المفس الأمريكي، وأصبح من أكثر الناس تأثيرًا بجيله كله. لسنا قادرين على التحكم في ما يحدث لنا لكننا قادري على التحكم بتفسيرنا له، فلا وجود لشيء إسمه عدم الإهتمام بشيء على الإطلاق، لكن علينا أن نحدد ما الذي نوليه إهتمامنا والقيم والمقاييس التي نستند إليها.
يجب أ نفرق بين المسؤولية والذنب. يعتقد الكثير من الناس أن المسؤولية عن المشكلة لا تكون إلا عندما تكون أنت من تقع عليه اللائمة في خلق هذه المشكلة، وفي الحقيقة أن اللائمة والمسؤولية ليستا شيئًا واحدًا، فهناك مشكلات لا تقع اللائمة فيها علينا ولكننا نظل مسؤولين عنها. اللائمة شيء من الماضي، فهي ناتجة عن خيارات إتخذت في الماضي، أما المسؤولية فعل حاضر وهي ناتجة عن خيارات تتخذها الآن.
هناك أشياء يشعر الناس أنها مؤلمة إلى حد يجعلهم عاجزين عن تحمل مسؤوليتها ولكن شدة الحادث لا تغير الحقيقة الكامنة خلفه.هناك الكثير من الناس الذين يتعاملون مع كونهم مولودين بنقص ما كما لو أنهم محرومون من شيء كبير القيمة فيجتنبون المسؤولية عن أوضاعهم فاللوم ليس واقعًا عليهم إنها ليست غلطتهم، ولكنها مسؤوليتهم.
تسمح مغالطة المسؤولية / اللائمة للناس بإلقاء مسؤولية حل مشاكلهم على الآخرين، ووسائل التواصل الإجتماعي جعلت هذا الأمر أسهل أكثر من أي وقت مضى، فهي تسمح بأن ينشأ لدى الناس إدمان على الإحساس بانهم واقعون ضحية إعتداء طوال الوقت.
يقول الكاتب إفعل أو لا تفعل لكن لا تقل كيف، فالتغيير بسيط يحتاج فقط أن نهتم بشيء مختلف، فنحن نمارس عملية الإختيار في كل لحظة.
الفصل السادس : أنت مخطيء في كل شيء ( وأنا كذلك)
يوضح كتاب فن اللامبالاة أن هناك الكثير من القيم والمعتقدات التي لطالما إقتنع الناس بصحتها وثبت أنها خاطئة، وكما نستطيع النظر إلى أخطائنا وعيوبنا في الماضي، فسوف ننطر إلى أنفسنا في يوم من الأيام في المستقبل وسنلاحظ عيوبًا وأخطاءً مماثلة، وهذا سيكون أمرًا حسنًا لانه يعني أننا ننمو ونتطور. عندما ننمو نحن لاننتقل من خطأ إلى صواب، ولكن ننتقل من خطأ إلى خطأ أقل قليلًا وكلما تعلمنا نقترب من الصواب، فنحن لسنا مطالبين بأن نعثر على الإجابة الصحيحة صحة مطلقة، بل أن نكتشف أخطاءنا ونتخلص حتى نصبح أقل خطأً مسقبلًا.
يقول الكاتب أن الدراسات أظهرت أن أسوأ المجرمين ينظرون إلى أنفسهم نظرة حسنة ويشعرون بالإرتياح تجاه أنفسهم، ما يمنحهم الشعور بأنه من المبرر إيقاع الأذى بالآخرين، لا يعتقد الأشرار أبدًا أنهم أشرار، وهذا ما يسميه الكاتب مخاطر اليقين المحض ويدعون لأن ننتبه إلى ما نحن مقتنعون به.
بحسب قانون مانسون في التجنب ” كلما إزداد خطر شيئ على حياتك ، كلما إزدادت محولتك لتجنبه”. بمعنى آخر كلما زاد تهديد شيء بأن يغير نظرتك إلى نفسك كلما وجدت نفسك تتجنب فعل ذلك الشيء.
يجحب أن تتخلى عن فكرتك عمن أنت، فهي مجرد إنشاء عقلي إعتباطي، وعندما نتخلى عن القصص التي نحكيها عن أنفسنا، فإننا نحرر أنفسنا لكي نكون قادرين على الفعل والنمو والتطور والفشل أيضًا. إن وضع أنفسنا موضع التساؤل وشكنا في أفكارن ومعتقداتنا مهارة من أصعب المهارات تطورًا.
قد يعجبك أيضًا : أفضل كتب التنمية البشرية وبناء الذات
الفصل السابع : الفشل طريق التقدم
يناقش هذا الفصل من كتاب فن اللامبالاة أن الفشل هو دافعك للتقدم. يقو الكاتب أنه كان محظوظًا، لأنه بدأ من الصفر، وعانى الفشل في حياته، ولم يتمكن من الحصول على وظيفة، فبدأ بالعمل عن طريق الإنترنت فلن يكون قد خسر شيئًا إذا لم يقرأ أحد مقالاته.
يقوم تطور كل شيء على آلآف خلات الفشل الصغيرة، وحجم نجاحك في شيء ما يعتمد على عدد مرات فشلك فيه. ونحن نكتسب تجنب الفشل من النظام التعليمي والإعلام، فيصل أكثرنا إلى حالة يخشى فيها الفشل، فتدفعنا غريزتنأ إلى تفاديه. ولا يمكننا أن نكون ناجحين إلا في الأشياء التي نكون مستعدين للفشل فيها.
يقول الكاتب أن الألم جزء من المسار، فأهم منجزات الكثير منا تحققت في مواجهة الصعوبات، وغالبًا ما يجعلنا الألم أكثر قوة وأكثر مرونة، فالخوف والقلق والحزن ليست بالضرورة حالات عقلية غير مفيدة دائمًا، بل غالبًا ما تمثل الألم الذي لا بد منه من أجل النمو النفسي والأنفعالي وحتى الجسدي.
لا يكون العمل نتيجة للتحفيز فقط، بل هو سبب لنشوء التحفيز أيضًا. الكثير منا لا يبدأ بالعمل إلا إذا أحس بالحافز الذي يدفعه للعمل، وينشأ هذا الحافز نتيجة إحساسنا بالإلهام الإنفعالي. ولكن الأمر ليس مقتصرًا فقط على هذه الخطوات الثلاث بل إن أفعالك تخلق مزيدًا من الإلهام الذي يحفزل للعمل التالي. ويمكن إعادة تو جيه أذهاننا إلى أن العمل يولد الإلهام الإنفعالي والذي بدوره يولد التحفيز.
الفصل الثامن : أهمية قول لا
يروي الكاتب في هذا من كتاب فن اللامبالاة قصة حدثت مع الفنان بيكاسو الذيس رسم لوحة على منديل ورقي وهم برميها، فأتت إاليه إمرأة تريد شراءها، فقال لها أنها بعشرون ألف دولارفإستغربت السيدة فأجابها “لقد لزمني ستين عامًا لأرسمها”.
يرفض الكاتب أفكار كتب التفكير الإجابي وأن نكون دائمًا إيجابيين نقول نعم لكل شيء ولكل شخص، علينا أن نرفض شيئًا ما وإلا سنكون من غير معنى، فإذا لم يكن هنالك سيء أفضل أو مرغوبًا لدينا أكثر من شيء آخر فنحن أشخاص فارغون نعيش حياة بلا معنى.
إذا كان لديك تقدير حقيقي لشيء ما عليك أن تقتصر عليه، فهناك سوية من السعادة والمعنى لا نصل إليها إلا إذا إستثمرنا الكثير من الوقت والجهد في علاقة أو مهنة أو هواية واحدة. الفكرة أن علينلا أن نهتم بشيء ما نحن نرى فيه قيمة وذلك من خلال رفض كل ما هو ليس من ذلك الأمر.
هناك أشكال صحية وغير صحية للحب، فالحب غير الصحي يكون بين شخصين يحول كل منهما الهرب من مشكلاته عن طريق العواطف والمشاعرن أما الحب الصحي قائم على وجود شخصين يعرف كل منهما مشكلاته ويتعامل معها بمعونة من الطرف الآخر. الإختلاف بين علاقة صحية وغير صحية يكون من حيث مدي تقبل المسؤولية من قبل كل طرف من طرفي العلاقة إستعداد كل منهما لإبداء الرفض أو قبوله من الطرف الآخر. يشير الكاتب إلى أهمية وجود الحدود في العلاقة وهي خط يفصل بين مشكلات الشركين ومسؤولياتهما، اللذين يعيشون علاقة صحيةفيها حدود قوية واضحة يتحملون المسؤولية عن قيمهم ومشكلاتهم أما اللذين يعيشون علاقة مسممة يضعف وجود الحدود فيها يميلون دائمًا إلى تجنب المسؤولية عن مشكلاتهم ويعتبرون أنفسهم مسؤولين عن مشكلات شركائهم نتيجة شعرهم الزائد بالإستحقاق.
لا يمكن أن توجد الثقة بدون وجود النزاع، فالنزاع يجعلنا بين من هو معنا من غير شروط ومن هو معنا من أجل المكاسب، لا يثق أحد برجل دائمًا ما يقول “نعم”، فحتى تكون العلاقة صحية ومعافاه يجب أن يكون صرفاها مستعدين لقول “لا” ولسماعها أيضًا، وهذا يعني أن النزاع ضروري للحفاظ على العلاقة صحية ومعافاة.
علمتنا الثقافة الإستهلاكية أن نبحث دائمًا عن المزيد، لكن المزيد ليس بالشيء الأفضل على الدوام، وغالبًا ما نكون أكثر سعادة بالأقل لا بالمزيد. إن الإلتزام بمكان أو شخص أو عمل واحد يتيح الكثير من الفرص والتجارب، فتركيزك على شيء واحد يجعلك مبدعًا في هذا الشيء، والإلتزام يمنحك الحرية لأنه يوجه إنتباهك وتركيزك للإتجاه الأكثر فاعلية في جعلك سعيدًا معافى ويجعل إتخاذ القرارات أكثر سهولة.
الفصل التاسع : وبعد ذلك تموت
خسر الكاتب صديقه المفضل، ما أدخله في موجة من الإكتئاب وكان يحلم به كثرًا، حتى جاءه إدراك مفاجئ بأنه إن لم يكن هناك سبب لفعل أي شيء، فما السبب أيضًا لعدم فعل شيء، ففي مواجهة حتمية الموت لا مبرر أبدًا لأن يستسلم المرء أمام خوفه أو حرجه أو شعوره بالخجل، فالأمر ليس أكثر من قبضة من اللا شيء. إذا أمضيت الجزء الأكبر من حياتك في تجنب ما هو مؤلم ومزعج عذا يعني أن تتجنب أن تكون حيًا.
الموت يخيفنا ولأنه يخيفنا فإننا نتجنب التفكير فيه والحديث عنه بل نتجنب حتى الإقرار به أحيانًا، حتى عنما يصيب شخصًا قريبًا منا، لكن الموت هو الضوء الذي يقاس به معنى الحياة كله، ولولا وجود الموت لبدا انا أن كل شيء معدوم الأهمية ولصارت المقاييس كلها صفرًا.
يوضح كتاب فن اللا مبالاة فكرتين أساسيتين من كتاب إنكار الموت لأرنست بيكر، الفكرة الأولى أن الإنسان هو الحيوان الوحيد القادر على تصور نفسه والتفكير فيها بشكل مجرد، فنحن البشر ننعم بالقدرة على تخيل أنفسنا في حالات إفتراضية وتأمل الماضي والمستقبل، ونتيجة لهذه القدرة العقلية الفريدة ندرك حتمية الموت عند نقطة ما. والفكرة الثانية أن لنا نفسين، النفس الجسدية التي تأكل وتشرب، والنفس المُتَخَيَلة المكونة من أفكار، وندرك أن نفسنا الجسدية سوف تموت عند مستوى ما، فنحاول إنشاء نفس متخيلة قادرة على العيش إلى الأبد.