في تطوّر جديد يُنذر بتصاعد التوتر بين باريس والجزائر، صادقت الجمعية الوطنية الفرنسية، بإجماع أعضائها، على لائحة تطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، المعتقل في الجزائر منذ نونبر الماضي، وتدعو المؤسسات الأوروبية إلى ربط أي تعديل لاتفاق الشراكة مع الجزائر بإطلاق سراحه.
اللائحة التي أقرها البرلمان الفرنسي أدانت بشدة اعتقال صنصال، معتبرة أن توقيفه بسبب آرائه النقدية السلمية ووضعيته الصحية المتدهورة يشكلان خرقًا صارخًا لحقوق الإنسان. كما طالبت بالإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي في الجزائر، ومن ضمنهم صحفيون ومدونون ونشطاء حقوقيون.
النواب الفرنسيون شددوا على ضرورة أن تبقى العلاقات الإنسانية بين الشعبين الفرنسي والجزائري بمنأى عن التجاذبات السياسية، داعين إلى احترام حرية التعبير وحرية الصحافة، ومنددين بما وصفوه بـ”ممارسات الترهيب” التي تلجأ إليها السلطات الجزائرية لتقييد الحريات.
واستندت اللائحة إلى تقارير دولية تؤكد تراجع حرية الصحافة في الجزائر، التي حلت في المرتبة 139 عالميًا حسب تصنيف “مراسلون بلا حدود” لعام 2024.
وطالبت الجمعية الوطنية الحكومة الفرنسية والمفوضية الأوروبية بالتدخل لدى السلطات الجزائرية لضمان محاكمة عادلة لصنصال، بما في ذلك السماح لمحاميه بالوصول إليه، كما دعت لإرسال بعثة طبية دولية لتقييم وضعه الصحي.
اللائحة طالبت كذلك بجعل احترام دولة القانون والحريات الأساسية بندًا محوريًا في أي حوار سياسي أو تعاون مستقبلي مع الجزائر، مؤكدة أن إطلاق سراح صنصال يجب أن يكون شرطًا مسبقًا لأي تفاهمات جديدة، خصوصًا ما يتعلّق بتحديث اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
وقد حظيت اللائحة بتأييد واسع داخل البرلمان الفرنسي، حيث صوّت لصالحها 307 نائبًا مقابل 28 معارضًا، بدعم من أحزاب “النهضة” و”الجمهوريين” و”التجمع الوطني” و”الاشتراكيين” و”الخضر”، بينما امتنع الحزب الشيوعي عن التصويت، ورفضها نواب “فرنسا الأبية”.
يُذكر أن بوعلام صنصال حُكم عليه في مارس الماضي بخمس سنوات سجنًا نافذًا، بعد تصريحات شكك فيها في الحدود الحالية للجزائر، واعتبر أن جزءًا من التراب المغربي اقتُطع وضُمّ إلى الجزائر خلال الحقبة الاستعمارية.
وقد أدت هذه القضية إلى توتر غير مسبوق في العلاقات بين الجزائر وفرنسا، خاصة بعد تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “الجزائر لا يشرفها أن تسجن كاتبًا”، ورد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بوصف صنصال بـ”مجهول الهوية” و”اللصّ الذي يدّعي أن نصف الجزائر ملك لدولة أخرى”.
ورغم الأمل الذي ولّدته المكالمة الهاتفية بين تبون وماكرون نهاية أبريل، فإن تفجر قضية “أمير ديزاد” أعاد العلاقات إلى مربع التوتر من جديد.