جريدة فاص
زين الدين بواح
بعد الحادث المأساوي الذي أودى بحياة عدد من ركاب حافلة النقل العمومي في طاطا، طفت على السطح موجة من الاتهامات، حيث تم تحميل النائب البرلماني حسن التابي، الذي يرأس الشركة المالكة للحافلة، مسؤولية الحادث. و بينما يمكن تفهم الغضب والألم الذي يشعر به الكثيرون، فإن من المهم النظر إلى هذا الموقف من منظور أوسع وأكثر دقة.
إلقاء اللوم على التابي بشكل غير موضوعي قد يكون تعبيرًا عن شعبوية غير مدروسة. و يتعين علينا أن نتذكر أن الحادث لم يكن نتيجة لتصرفات فردية، بل كان نتيجة لظروف معقدة تشمل عدة عوامل. فقد يكون للظروف الجوية، مثل الفيضانات التي شهدتها المنطقة، وكذلك للحالة العامة للبنية التحتية دور كبير في الواقعة. لذلك، فإن تحميل مسؤولية الحادث لشخص واحد فقط، حتى وإن كان مالكًا لشركة النقل، يعتبر اختصارًا للأمور وتجاهلًا للحقائق المتعددة الأبعاد.
إضافة إلى ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار الجهل بالقوانين المنظمة للنقل العمومي وهو الأمر الذي قد يدفع البعض إلى تحميل المسؤولية لمالك الحافلة. فمالكو شركات النقل لا يملكون السلطة لإغلاق الطرق أو وقف حركة المرور كما يشاؤون. بل إن التدخل في مثل هذه الأمور يمكن أن يؤدي إلى تعرضهم لعقوبات قانونية. لذا، فإن توجيه اللوم إلى التابي في هذه الحالة يعد فهمًا خاطئًا للإطار القانوني الذي ينظم النقل العمومي.
الأهم من ذلك في هذه الظرفية، ينبغي أن نركز على دعم أسر الضحايا وتقديم العون للمتضررين من هذه الكارثة. و يتطلب الوضع الراهن تضامنًا حقيقيًا من المجتمع، مع ضرورة توفير الدعم النفسي والمادي للنساء والأطفال الذين فقدوا أحباءهم. يجب أن نقف إلى جانب هؤلاء المتضررين، وحث السلطات على الإسراع في تقديم التعويضات اللازمة واستئناف الخدمات العامة بما يضمن عودة الحياة إلى طبيعتها.
و عندما تهدأ الأمور، سيكون من الضروري أن يتحرك منتخبوا الإقليم بجدية لإثبات أنهم قادرون على تمثيل سكان طاطا بفعالية. و ينبغي عليهم اتخاذ مبادرات جادة لمواجهة التحديات الناتجة عن هذه الفاجعة، والترافع من أجل تحسين الأوضاع المتعلقة بالنقل والبنية التحتية.
و في النهاية، ينبغي أن نتجاوز حالة الانقسام والتوتر التي قد تنتج عن تبادل الاتهامات، ونسعى إلى العمل المشترك لمواجهة الأزمات. و استحضار إن قيم المجتمع الواحي يجب أن تتجلى في التضامن والتعاون، فهذه هي الروح التي يجب أن تسود في أوقات الشدة. و علينا أن نتذكر أن تحقيق العدالة المجالية والدعم المتبادل هما الأولوية الحقيقية، وعلينا أن نعمل معًا من أجل بناء مستقبل أفضل لجميع سكان طاطا.