اوروبا تستعد للاغلاق لمواجهة الموجة الثانية من كوفيد 19

جريدة فاص

تستعد باريس وضواحيها، إضافة إلى ثماني مدن كبرى أخرى في حالة تأهب قصوى، لحظر تجوّل يبدأ منتصف ليل الجمعة – السبت، بعدما سجّلت البلاد أكثر من ثلاثين ألف إصابة في 24 ساعة وهو رقم قياسي.

وقرّرت الحكومة فرض حظر تجوّل في ليون، وليل، وتولوز، ومونبلييه، وسانت إتيان وإيكس مرسيليا وروان وغرينوبل بالإضافة إلى إيل دو فرانس، والتي يبلغ مجموع سكانها 20 مليون نسمة، اعتباراً من منتصف ليل الجمعة “لمدة لا تقل عن أربعة أسابيع” أو حتى “أكثر من ذلك إذا وافق البرلمان”، بحسب ما ذكر الرئيس إيمانويل ماكرون.

وأوضح رئيس الوزراء جان كاستيكس أنّه من منتصف ليل الجمعة – السبت، سيلتزم “كلّ شخص منزله من الساعة التاسعة مساءً حتى الساعة السادسة صباحاً” في المناطق المعنية، باستثناء بعض الأشخاص الذين لديهم تصريح بالخروج، مثل الذهاب إلى العمل أو إلى المستشفى.

وسيكون التصريح، كما كانت الحال أثناء فترة الإغلاق، إلزامياً ومتاحاً على الموقع الإلكتروني للحكومة، وإلاّ فسيتم فرض غرامة قدرها 135 يورو على المخالفين.

وسيتوجب إغلاق المطاعم في الليل في كلّ هذه المدن، ما يثير قلق أصحابها، مثل ستين رومان، مديرة “لا مير بيونافيستا” في مرسيليا، التي قالت: “لم أرَ ذلك خلال الخمسين عاماً التي أمضيتها هنا”.

 وأضافت: “سنغلق أبوابنا في الليل: ماذا يمكننا أن نفعل أيضا؟ يجب أن يخرج موظّفونا عند الساعة التاسعة”.

كما أعربت رئيسة بلدية المدينة ميشال روبيرولا عن غضبها، موضحة أنّ السكّان “سيفتقدون وسائل الترفيه والحرية، وسيكون هناك خطر على اقتصاد المدينة مع إغلاق المطاعم والفنادق والمقاهي”.

وساءت مؤشّرات كوفيد-19 أكثر، أمس الخميس، مع تسجيل فرنسا أكثر من 30 ألف إصابة في 24 ساعة، وهو رقم قياسي، إضافة إلى ارتفاع عدد المرضى الذين أدخلوا العناية المركّزة، والذي يستمرّ في الزيادة وفقاً لأرقام هيئة الصحة العامة في فرنسا.

ورافقت القفزة في عدد الإصابات زيادة مستمرة في معدل الاختبارات الموجبة (نسبة الأشخاص المصابين بين مجموع الذين خضعوا لاختبارات)، وكذلك حالات دخول جديدة إلى وحدات العناية المركزة في الأيام الأخيرة: 171 مريضاً الاثنين، و226 الثلاثاء و193 الأربعاء و219 الخميس، وفقاً لقاعدة بيانات “إس بي إف” المتخصصة.

من جهته، استنكر الاتحاد الوطني لدور السينما العواقب “الخطيرة للغاية” على نشاطه لحظر التجوّل، وطالب الحكومة “بالسماح للجمهور بالعودة إلى منازلهم بعد عرض الساعة التاسعة”. وأشارت رئيسة بلدية باريس، آن هيدالغو، إلى أنّها تريد “إيجاد حلول تسمح للفنانين بمواصلة ممارسة مهنتهم وضمان عمّالهم”، وهو إجراء تخفيفي كانت وزيرة الثقافة، روزلين باشيلو، نادت به.

ولم تسلم بقية القارة، إذ اعتبرت منظمة الصحة العالمية الآن أنّ الوضع “مقلق للغاية” في أوروبا. وقال مدير الفرع الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية، هانز كلوغه، إنّ “وباء كوفيد-19، الآن، هو خامس سبب رئيسي للوفاة، وقد تمّ الوصول إلى عتبة ألف وفاة يومياً” رغم أنّ الوضع لا يشبه الوضع الذي كان عليه في الفترة بين مارس وإبريل.

وتحذّر منظمة الصحة من أنّ مستويات الوفيات قد تصبح، في يناير، “أعلى من أربع إلى خمس مرات ممّا كانت عليه في إبريل الماضي” إذا تم تنفيذ “استراتيجيات لتخفيف” القيود.

وفي السياق، منعت أيرلندا الزيارات الخاصة لإبطاء انتشار وباء كوفيد-19، ويدخل القرار الأيرلندي حيز التنفيذ الجمعة، لتنضم البلاد بذلك إلى بريطانيا التي اعتمدت إجراءات مماثلة في لندن ومناطق إنكليزية أخرى. وإلى جانب هذه الإجراءات، فرضت قيود صارمة جديدة على المناطق الحدودية مع أيرلندا الشمالية، ستغلق بموجبها المتاجر غير الأساسية ومراكز الترفيه والمسابح والقاعات الرياضية في مناطق تسكنها 300 ألف نسمة.

وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، اليوم الجمعة، إنّ بريطانيا تتبنى نهجاً يستهدف مناطق معيّنة للتعامل مع القفزة في الإصابات بمرض كوفيد-19، إذ تفرض قيوداً محلية لتفادي إغلاق عام وطني آخر وما يسبّبه من ضرر للاقتصاد.

وأضاف دومينيك راب لتلفزيون هيئة الإذاعة الوطنية (بي.بي.سي): “نطبق هذا النهج… لتفادي إغلاق آخر على المستوى الوطني”.

وأظهرت بيانات من وكالة الصحة العامة في سويسرا، اليوم الجمعة، أنّ عدد الإصابات بفيروس كورونا ارتفع بواقع 3105 إصابات، في زيادة قياسية يومية جديدة.

وسجّلت الوكالة 74422 إصابة مؤكدة في المجمل في سويسرا وإمارة ليختنشتاين المجاورة.

كما توفي خمسة أشخاص جرّاء الفيروس لترتفع حصيلة الوفيات إلى 1823.

بينما عبّر الكرملين، اليوم الجمعة، عن قلقه من الارتفاع الكبير في الإصابات بفيروس كورونا في روسيا ومن تفشي الفيروس بسرعة، لكنه أكّد أنّ الوضع لا يزال تحت السيطرة.

وارتفع العدد اليومي للإصابات بفيروس كورونا في روسيا إلى مستوى قياسي، بلغ 15150 اليوم الجمعة، بينها 5049 إصابة في العاصمة موسكو، ليرتفع الإجمالي إلى مليون و369 ألفا و313 إصابة منذ بدء تفشي الجائحة.

وأسفر الوباء عن أكثر من 1,09 مليون وفاة في العالم منذ نهاية ديسمبر، وفق حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس الخميس. وقد سجّلت 38,57 مليون إصابة رسمياً، وتعافى أكثر من 26,6 مليونا.

وفي مؤشر على تدهور الوضع في القارة الأوروبية برمتها، أظهرت الخريطة الجديدة لقيود السفر، التي نشرها الخميس المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، أنّ أكثر من نصف دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا باتت مصنّفة في الخانة الحمراء.

وحدها النرويج وفنلندا واليونان لا تزال خضراء في غالبيتها، في حين أنّ خمس دول، هي إيطاليا وقبرص وإستونيا وليتوانيا ولاتفيا، برتقالية بغالبيتها. أمّا ألمانيا والنمسا والسويد والدنمارك وأيسلندا، فغير مصنّفة بحسب الألوان “بسبب نقص البيانات حول الفحوصات” لسبب لم يحدّد.

ويستمر الفيروس في تعكير الحياة السياسية، فقد اضطرت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين، إلى الانسحاب من القمة الأوروبية في بروكسل لتحجر نفسها بعد الإعلان عن إصابة بفيروس كورونا في صفوف فريقها.

 وبدورها، اضطرت رئيسة الوزراء الفنلندية، سانا مارين، إلى مغادرة القمة الأوروبية والدخول في حجر، بعدما كانت على تواصل مع نائب من بلدها ثبتت إصابته.




قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.