قراءة أولية في بلاغ تعليق الدراسة .

 

محمد مخلوفي. مفتش تربوي

يأتي بلاغ وزارة التربية الوطنية بتاريخ 13 مارس 2029 القاضي بتعليق الدراسة في الأقسام والفصول الدراسية في جميع مؤسسات التعليم الأولي والمدرسي والجامعي العمومية والخصوصية في سياق الإجراءات الوقائية التي يتخذها المغرب أسوة بباقي دول العالم التي وصل إليها فيروس كوفيد 19.
وإذا كان هذا الإجراء جاء استجابة لمطالب شعبية و صحية معقولة، فإنه يمكن بخصوص مضمونه وتوقيته تسجيل الملاحظات الأولية التالية:
1- قرار التوقيف شأنه شأن قرار إغلاق المجالين الجوي والبحري، جاء متأخرا بعض الشيء، خصوصا وأنه جاء بعد تسجيل أول حالة مؤكدة لمواطن مغربي يفترض فيه أنه قد خالط فئات مختلفة من المجتمع بما فيها فئة الأطفال واليافعين الذين تجبرهم الدراسة على مخالطة التجمعات بشكل يومي داخل الفصول والمدرجات، مما يعرض صحة مرتادي المؤسسات التربوية لخطر داهم.
2▪︎ قرار التوقيف جاء ظل تعامل الحكومة المرتبك مع التهديدات التي يطرحها هذا الفيروس، هذا الارتباك تترجمه بجلاء تصريحات رئيسها التي استهانت بالأمر في البداية، إذ اعتبره مجرد موجة عابرة ونوع من أنواع الزكام (وهو ليس كذلك) التي لا تستدعي القلق، وآخر ما جاد به علينا رئيس الحكومة في هذا الإطار تعاطيه الغريب مع سؤال أحد الصحفيين حول تعليق الدراسة أسوة بالجزائر وغيرها.
3- ألم يكن من الأفيد تقديم العطلة وتمديها بعد ذلك إذا اقتضى الحال، عوض حالة الفوضى التي ستحدثها البدائل التي أعلنت في نص هذا القرار؟ وإذا فرضنا صواب قرار الوزارة ، ألم يكن من الأنسب التمهيد له بدعوة الأساتذة إلى تقديم موعد إنجاز فروض المراقبة المستمرة باعتبارها محطة مهمة واستحقاقا سيؤثر على النتائج النهائية خصوصا بالنسبة للمستويات الإشهادية.
3- يتضمن القرار عبارات فضفاضة تحتمل تأويلات عدة ومنها:
– عبارة “ستعوض” المبنية للمجهول .. فمن سيقوم بمهمة تعويض الدروس المتوقفة في الفصول الدراسية؟ هل هو الأستاذ نفسه، أم هي جهات أخرى تحددها سلطات التربية والتكوين في سياق تدابيرها التربوية والبداغوحية التي يجدر بها أن تضطلع بها؟
إذا كان المعني هو الأستاذ، فإن الأمر قد يكون مقبولا بالنسبة للجامعات ومراكز التكوين مع ضرورة أظافر الجهود للتغلب على بعض المشاكل التقنية التي قد تعترضه. لكن عندما نتحدث عن التعويض بالنسبة للتعليم الأولي والمدرسي في ظل الإمكانيات المهنية والبداغوحية والتقنية والثقافية الحالية، فذلك ضرب من العبث، وتسويق الوهم و لحلول تصعب إن لم نقل تستحيل ترجمتها على أرض الواقع.
وعلى فرض أن الدولة ستوفر لهذا الأستاذ كل المطالب التقنية، فإن السؤال بخصوص الجهة المستفيدة من هذه الدروس يبقى مطروحا، خصوصا بالنسبة لتلاميذ الابتدائي في الأوساط القروية.
أما إذا المعني هو جهات أخرى تحددها الوزارة، فإن الأمر يمكن أن يكون مقبولا خصوصا إذا تحملت الدولة كامل مسؤوليتها أمام الله وأما التاريخ .. واستغلت القنوات الإعلامية لتكون منصات للتعليم اليومي عند بعد، ويمكن في هذا السياق تخصيص ست قنوات للتعليم الابتدائي بمعدل قناة لكل مستوى دراسي تبت في فترات محددة صباحا.. على أن تعطى الفرصة لتلاميذ الاعدادي والثانوي للاستفادة منها في الفترات المسائية.
بالإضافة إلى اللبس الذي تطرحه عبارة “ستعوض” الملغومة، تبقى مسألة توقيف الدراسة ملتبسة مبهمة هي الأخرى.
فهل قرار التوقيف والحضور إلى المؤسسة يشمل الجميع ، أم يقتصر فقط على الطلبة والتلاميذ؟
إذا كان القرار يشمل الجميع، فمن سيباشر الإجراءات التربوية والبيداغوجية التي تم الحديث عنها في متنه؟ وإذا كان يشمل المتعلمين فقط، ألا يضرب ذلك في صميم الإجراءات الاحترازية والوقائية التي تطالب الحكومة باتخاذها في سياق دعوتها إلى تجنب مخالطة الغير إلا في الحدود الدنيا؟ ثم ألا يحتاج الأستاذ نفسه إلى الحماية!؟
5- يضعنا الوضع الذي نعيشه أمام ضرورة الإسراع في تكوين الأساتذة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال.. وأمام أهمية التجديد والإبداع التربوي والبيداغوجي واعتماد تقنيات التعليم عن بعد.
كما يضعنا أمام أهمية العمل الذي تقوم مراكز التكوين في مجال المعلومات والاتصال التي تعمل تحت غطاء جمعيات المجتمع المدني التي يؤطرها مفتشون مجددون و ينشطها أساتذة مبدعون.
محمد المخلوفي .. مفتش تربوي




قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.