تكوين المدرسين استثمار من أجل تأهيلهم للعملية التعليمية

ذ /عبد اللطيف شعباني

نريد أن نصنع مدرسين بعقلية وشخصيَة قيادية متميزة، ويمتلكون محتوى معرفيا وتعليميا متميزا، وقادر ين على التفكير والكتابة والتأليف والابداع والاختراع، مبدعين قادرين على خلق أفكار بنَاءة ،تنهض بالمجتمع وتتقدم به، لديهم القدرة على الإصغاء والتحدث والنقاش، واكتساب مهارات عقلية .

إن المسؤول الوحيد عن التميز هو المدرس نفسه، بسبب امتلاكه مهارات عقليه معينة، أو قدرته على التصميم والابداع، فهل جميع المدرسين يتم تدربيهم بشكل يتناسب مع مهنتهم التعليمية؟ وهل الشهادة الجامعية للمدرس هي السلاح الوحيد لنجاح وتنشئة هذا الجيلمن المتعلمين ؟؟

إن الشهادة الجامعية هي سلاح للمدرس من حيث المعلومات الأكاديمية التي يريد إيصالها للمتعلم ، ولكن كيفية إيصال تلك المعلومة هي الأهم، لأن هنالك العديد من المهارات التي يفتقر لها المدرسون، والتي تفقد الحصة المثالية والنجاح، والحل لإنجاح الحصة الصفية هو من خلال التدريب الفعال، فالتدريب بشكل عام هو جهد تنظيمي مخطط يهدف الى إكساب العاملين في منظمة معينة عدة مهارات مرتبطة بعملهم، والحصول على المعارف الجديدة والمتطورة من خلال عدة تجارب تعليمية بهدف الوصول الى أداء أكثر فاعلية وصولاً لتحقيق أهداف منظمة معينة.

إن عملية إنفاق الدول مبالغ على المنهاج المتميز، وتحسين المباني في المدارس، أو إحضار بعض الوسائل التكنولوجية الحديثة، أو تحضير مختبرات الحاسوب، تفوق اهتمامهم وانفاقهم على تدريب المدرسين ، وتأهيلهم للدخول للحصة الصفية، فمهما كان المنهاج متميزا ،ومهما كانت الأبنية جميلة للمدارس، ومهما توفرت وسائل إلكترونية، اذا لم يكن الأساس متميزا تذهب أهمية كل تلك الأمور، والأساس هنا هو المدرس.

ان الاستثمار في المدرسين من أهم الأمور التي ترفع من مستوى الطلاب ورفاهيتهم، فالمدرس المؤهل والمتدرب تدريباً جيداً، قادر على إدارة التنوع في العملية التعلمية ومع مختلف الأعمار، وقادر على التعامل بشكل أفضل مع مهارات عقلية مختلفة، وقادر على إغلاق الحصة الصفية بنجاح والاثراء فيها بشكل متميز حقاً.
انَ هذا التوجه الحديث لتدريب المدرسبن هو ما سوف ينهض بالتعليم ،لكن يجب الاهتمام بشكل أكبر بتدريبهم بعد التخرج والاقتداء ببعض الدول الأوروبية في هذا المجال
فاليابان مثلاً تعمل على تطوير أداء المدرس وتنمية مهاراته، حيث ينال المدرس الياباني قسطــًا وافيــًا ومتجددًا من الدورات التدريبية المهنية بعد التخرج وأثناء العمل أيضاً، ويحظى المتميزون منهم برعاية خاصة واهتمام كبير، مع توفير بيئة تعليمية مناسبة، تـساعدهم على الإبداع في أداء رسالتهم، وجدير بالإشارة أن جل مدرسي اليابان، يتخرّجون في الكلّيات المتوسطة والجامعات، ولا يمنحون رخصة لمزاولة المهنة من وزارة التربية والتعليم إلاّ بعد 6 أشهر على التخرّج، والتدريب العملي في المدارس العامة ثم اجتياز اختبار مجلس التعليم الذي يعقد سنويــًا لتعيين المدرسين ، ويخضع لاختبارات مصممة لمواضيع تربوية، وكذلك الأمر بفنلدا الدولة المتربعة في قمة الهرم التعليمي، فان المدرس لا يمارس المهنة الا بعد الخضوع لفترة من التدريب والتأهيل ليكون بذلك قادراً على الدخول للغرفة الصفية، وبذلك فانَ وزارة التربية والتعليم بفنلندا تشتهر بمقولة هامة هي “نحن نثق بمدرسينا”، و بذلك لا يحتاج المدرس حتى مراقبة من مشرف أو مدير لأنه الامر الناهي في مملكته.

كما تحرص الوزارة بسنغافورة على تقديم تدريب للمدرسين على التقنيات الحديثة، وتشجيعهم على اقتناء أجهزة الحاسوب المحمولة، والكتب اللوحية الإلكترونية، وتدفع من ثمنها 40%، ويقدّر ما يتلقّاه المدرس السنغافوري من تدريبات، بما يزيد عن100ساعة تدريب سنويــًا، موزّعة بشكل دوري، بحيث تـساهم في رفع كفاءته، ومواكبته لأحدث التطوّرات، ذات الصلة بالحقل التربوي والتعليمي.




قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.