ذ المصطفى بنعلي
في ظل استجماع بلادنا لعناصر الحسم النهائي لقضيتنا الوطنية الأولى، ولكل من يسألني عن موقف بعض اليسار الفرنسي منها، وهل ذلك ناجم عن ضعف اليسار المغربي أو قصوره في الدفاع عن قضايا ومصالح المغرب، أوضح أن اليسار الفرنسي الذي ينتقده ميشال أونفري في مجلة Front Populaire ليس حالة معزولة، بل تجسيد لانحراف أصاب اليسار في كثير من البقاع.
يسار تخلى عن مهمته التاريخية في حماية الشعوب، وذاب في العولمة حتى صار ذراعا ثقافيا يبررها. يرفع شعار الحرية وهو يمارس الإقصاء، يتغنى بالعلمانية وهو يتحالف مع من يناقضها، ويتحدث باسم الأقليات ليبرر عداءه للأغلبية.
هذا اليسار العقائدي التحريفي، الذي حول الاشتراكية إلى طقس مغلق بدل أن تكون فكرا نقديا حيا، هو نفسه الذي يصطف ضد المغرب في قضية الصحراء. لا مفاجأة في ذلك، فقد تحالف بالأمس مع النازية باسم “السلام”، وها هو اليوم يتحالف مع دعاة الانفصال باسم “حق تقرير المصير”، الذي لفظه الديكتاتور فرانكو وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة.
وللأسف، ليس بعض اليسار المغربي بعيدا عن هذا المسار. فحين يردد خطابات مستوردة من الخارج، ويتعامل مع قضايا الوطن وكأنها ملفات خارجية، فإنه يكرس ذات التحريف. يسار يتحدث باسم الشعب وهو يزدريه، ويرفع شعار المقاومة وهو غارق في التبعية الدوغمائية.
لهذا، حين ندعو في حزب جبهة القوى الديمقراطية إلى توحيد اليسار الوطني المغربي، فإننا نؤسس لبديل وطني حقيقي، يسار يؤمن بالسيادة قبل الإيديولوجيا، بالعدالة الاجتماعية والمجالية دون التبعية، وبالوحدة الوطنية كأسمى أشكال التقدم الوطني.
فالرهان اليوم هو على من يؤمن بالوطن، لا على من يساوم به أو عليه…

