السجن المحلي بوادي زم ..نموذج يحتذى به في صون كرامة النزلاء وتوفير الظروف الملائمة لإعادة إدماجهم في المجتمع
عبد اللطيف شعباني
المدير الجهوي فاص تيفي
بني ملال خنيفرة
تروم المؤسسة السجنية أساسًا الإصلاح والتهذيب وإعادة إدماج النزلاء بالمجتمع ، فهي ليست مجرد مكان لسلب الحرية أو معاقبة المذنب، بل فضاء لتقويم السلوك وتغيير العادات السيئة. ففيه يجد النزيل فرصًا للتعلم والتكوين المهني، مما يساعده على الاندماج من جديد في المجتمع بعد انقضاء العقوبة. وبذلك تحقق المؤسسة السجنية غايتها النبيلة في حماية المجتمع، وإعطاء الفرد فرصة ثانية ليكون مواطنًا صالحًا.
وفي هذا الصدد يعزز السجن المحلي بوادي زم مكانته كإحدى المؤسسات السجنية التي تسعى إلى تجسيد الرؤية الإصلاحية للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وذلك من خلال مجموعة من المبادرات الرامية إلى صون كرامة النزلاء وتوفير الظروف الملائمة لإعادة إدماجهم في المجتمع.
فهذه المؤسسة لا تقتصر على الجانب الأمني فقط، بل جعلت من التأهيل التربوي والمهني والرياضي والثقافي ركيزة أساسية في برامجها اليومية. حيث يستفيد النزلاء من ورشات تكوين في مجالات متعددة إلى جانب أنشطة ثقافية وفنية، تتيح لهم إبراز مواهبهم وصقل قدراتهم.
كما استطاعت هذه المؤسسة السجنية أن ترسخ صورة مغايرة عن مثيلتها ، بعدما باتت نموذجاً في احترام حقوق الإنسان وصون كرامة السجين، بفضل تكامل جهود الإدارة والأطر العاملة داخلها؛
و نجحت في ضمان الحد الأدنى من الكرامة والحقوق، مما جعله استثناءً إيجابياً.
إن الإدارة الحالية، تحت إشراف مدير السجن وبمواكبة الطاقم الإداري والأمني والصحي والتربوي، حرصت على تنزيل برامج متكاملة توازن بين الجانب التأديبي والجانب الإصلاحي. فقد أصبح التطبيب متاحاً بشكل منتظم، سواء عبر العلاجات الأولية أو عبر نقل الحالات المستعصية إلى المستشفيات العمومية. كما يستفيد السجناء من متابعة نفسية تساعدهم على تجاوز الصدمات والضغوط التي قد ترافق فترة الاعتقال.وعلى مستوى التكوين والدراسة، وفرت المؤسسة برامج تعليمية لمختلف المستويات، من محو الأمية إلى متابعة التعليم الإعدادي والثانوي وحتى الجامعي بالنسبة لمن يرغب في ذلك. كما جرى تفعيل ورشات تكوينية في مجالات متعددة، كالنجارة، الكهرباء، الحلاقة، والخياطة، والمعلوميات وغيرها ، مما يفتح آفاقاً جديدة أمام السجناء بعد الإفراج عنهم ويساهم في إعادة إدماجهم داخل المجتمع. وبذلك بات السجن المحلي بوادي زم فضاءً يؤمن بحق السجين في الثقافة والرياضة والأنشطة الترفيهية، عبر مكتبة متاحة وفضاءات لممارسة الرياضة عقد شراكاتةمع جمعيات مدنية بالمدينة ، إضافة إلى برامج تأهيلية تسعى لتقويم السلوك وبناء شخصية أكثر توازناً.
هذا التوجه الإنساني، الذي يجمع بين الأمن والانفتاح، جعل من السجن المحلي بوادي زم نموذجاً يحتذى به على المستوى الوطني، حيث أضحى شاهداً على إمكانية جعل المؤسسة السجنية فضاءً للإصلاح وإعادة التأهيل، بدل أن تكون فقط مكاناً للعقاب والعزل.
إن هذه الجهود تعكس إرادة حقيقية في جعل السجن المحلي بوادي زم فضاءً للإصلاح والاندماج، بدل أن يكون مجرد مكان لتنفيذ العقوبة. وهو ما يترجم التوجه الوطني نحو مقاربة إنسانية حديثة في تدبير المؤسسات السجنية، قوامها الكرامة، التكوين، والإدماج.
وفي هذا السياق، يتقدم العديد من الفاعلين الجمعويين وأسر النزلاء بالشكر والتقدير لمدير المؤسسة وجميع الموظفين والموظفات ، كل باسمه ومنصبه، على ما يبذلونه من جهود يومية متواصلة في سبيل صون حقوق السجين وضمان كرامته، مع الحرص على تطبيق القانون بشكل عادل.
إن تجربة السجن المحلي بوادي زم تدعو إلى تعميم هذا النموذج على باقي المؤسسات السجنية بالمملكة، حتى تتحول إلى فضاءات إصلاح حقيقي تساهم في إعادة تأهيل السجناء و إعادة دمجهم في المجتمع، بما ينسجم و روح الدستور المغربي والتزامات المملكة في مجال حقوق الإنسان.