ذ صالح اليوسفي
في زاوية معتمة من المجتمع، حيث تتشابك الهمسات بالسموم، يسكن سرب من الأفاعي. ليس لهن لون محدد، ولا هيئة ثابتة، عيونهن تلمع ببريق مخادع، وألسنتهن تندس بين الصفوف، تهمس بخبث، وتلدغ بغدر.
هؤلاء لسن مجرد نساء، بل كائنات حربائية تتقن فن التلون، يقتربن بوجه، ويطعن بآخر، يحكن المؤامرات بخيوط من الوهم، ويزخرفن الكذب بطلاء من الحقيقة. إذا اجتمعن، تراقصت السموم في الهواء، وإذا افترقن، تركن وراءهن آثارا من الخراب.
يقتات السرب على الضعف، ويزدهر بالحقد. يبتسمن في وجه الضحية، وفي الخفاء يملأن كأسها بالعلقم. يسرن بين البشر كأنهن حملان وديعة، لكن تحت الجلد الناعم، تندس الأنياب القاتلة.
لا يعرفن معنى الولاء ولا الإخلاص، ولا تؤمن قلوبهن بالعهد. صداقتهن تحالف مؤقت، وعاطفتهن خدعة مرسومة. يقتربن حين يجدن فائدة، ويبتعدن حين يحين وقت الطعن. لكن السم الذي ينفثنه لا يلبث أن يرتد عليهن، والمؤامرات التي يحكنها تنقلب إلى فخاخ ومصائد تحاصرهن.
حاولن تسلق القمم، فزلت أقدامهن. جعلن الخداع سلاحا، فانقلب إلى خنجر في صدورهن. كل مكيدة دبرنها، ضلت طريقها وعادت إليهن أضعافا. وفي النهاية، بقي السرب مشتتا، تتخبط أفاعيه في ظلال بعضها البعض، تلتهمهن لعنتا الخبث والغدر التي طالما نشرنها.