هجرة سرية..!

رحال لحسيني

لم تعد تفاجئه المواجع المتكررة، ولا حتى الفواجع.
كلما اخترق الألم روحه، غادره، لم يعد يمكث فيه إلا لحظات.
حتى وقع الخديعة أصبح أثره عليه أقل من الماضي.

سمعه مرة يردد:
– “الحياة علمتني.. أن الأشياء الجميلة لا تكتمل!”.

ربما كان يهيئ نفسه لما يفكر فيه، وما سيقوم بفعله لاحقا.
وقد تكون مجرد أفكار عابرة مرت بخياله في لحظات تأمل عابرة.

من خلال التجارب التي عاشاها معا، بحلوها ومرها. منذ أن كانا صغيرين إلى أن عاركتهما وصهرتهما الحياة، على قلب رجل واحد، أصبحا يتعاملان مع ما كان يسميانه بالحظ السيئ، بهدوء كبير.
***

يعترف مع نفسه، أن الفضل في ذلك يعود إليه، هو من مرنه على التخلص من ضغط اللحظات العصيبة، وحتى في حال تعلق الأمر بنوع من الخيانة أو الغدر،.. وبسرعة فائقة.

يقول أنه سبقه في التعايش مع مواقف أصعب مما قد يتعرض له كل منهما، أو هما معا، الآن.
رغم عدم وجود فارق كبير في السن بينهما، إلا أن لكل منهما مسار حياة يختلف عن الآخر.

بالإضافة إلى استفادته من تجارب الآخرين والكتب في تحمل ما يقع من أحداث غير سارة.
وكذلك لأن كل شيء يأخذ وقته ويمر.

– “حتى أسوأ الأزمات تمر، لذلك لا يجب أن تشغل نفسك كثيرا بكيفية التعامل مع الأحداث السيئة ولا مع الناس السيئين، والأوضاع غير المناسبة عموما”.

“تجاهل، تجاهل،.. ابتسم واستمر”.

أعد ترتيب أولوياتك عندما يكون ذلك ضروريا، نحو الأفضل. ذلك هو الأفضل بالنسبة لك في مثل هذه الأوقات.
والأفضل لديك في الوقت الأفضل.

أحيانا، قد تجد نفسك تتأسف لتأخر بعض الأزمات.. حتى تأخذ مسارك بيدك مجددا، وتواصل المسير في سبيلك المناسب.
***

كانا كلما مرت بعض أماسيهما مميزة وتتمتع بنكهة سرور خاصة لديهما، كانا يتوقعا.. أن يأتي شيئا ضدها، قريبا.
وغالبا ما يتلقفها بعض الخير القاسي أو القاسي جدا.

ومع ذلك، أصبحا متيقنين أن بعض المساوئ التي قد تحدث، وتخلف ألما مشينا، لا بد وأن تزهر خيرا كثيرا ينمو مثل أقحوان يورق في حدائق المستقبل.
***

كل ما يحدث من تعثرات غير سارة، في فترة ما، ليست سوى تمارين ضرورية تمنحك القوة والمتعة عندما تصبح جزء من الماضي.
كما تمنحك الرصانة أيضا.

في السابق، كان قلبه يكاد يتمزق من وقع بعض الصدمات البسيطة، خصوصا غير المتوقعة.
ومع مرور الزمن، تعود بدوره على عدم الإرتهان للخيبات الرشيقة ولا لمثيلاتها القوية، مهما بدت ضخمة أو صاخبة.
ولا للأحزان أيضا.
***

– “ليس هناك حزن يدوم،.. ولا فرح يتشبث بأصحابه إلى الأبد”.

كانت هذه آخر الكلمات بينهما قبل أن تتوقف علاقتهما لبعض الوقت، كما كان يقع مرارا، وكما كان يعتقد ويتوقع.

كان الخلاف بسيطا بينهما، لكن نبرة صوت صديقه، حين يتذكرها.. كانت مختلفة.
***

كان صديقه الحميم، أو ربما كان يعتقده كذلك.
لم يؤلمه فراقهما،
آلمه عدم معرفته باختياره قبل حدوثه،
هكذا ودون مقدمات،
بلغه خبر هجرته..

جاءه وقع قراره الخفي ثقيلا، ومتعبا لدرجة الطعن.
لم يكن يتوقع هجرة صديقه.
ولم يستعد لها.

انتبه إلى أن قرار الاستقرار في الخارج يحتاج لوقت لتنفيذه، ولا يمكن أن يحدث بشكل مستعجل.
***

ربما لو علم برغبته في القيام بذلك، لفكر في ثنيه عن الإبتعاد.
أو شغل نفسه بدوره بالتفكير في الهجرة.
ربما سيصل لنفس القرار.

القرار المفاجئ لصديقه بدأ يشكل في ذهنه درسا جديدا مريرا، وجميلا في نفس الآن.
اكتشف أن بعض ملامحه لها طعما خاصا، أحلى من الوفاء أحيانا.




قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.