….من هو بائع الوهم؟

بقلم ياسمين العيساوي

هل اشتريت الوهم يوماً؟ أم تسلمته كهدية ملفوفة بورق أنيق، جميل، يأسر القلوب؟ قد يبدو لك الأمر غريباً، أو غير واضح، كيف لشخص أن يشتري الوهم؟ ولكن السؤال الأهم من ذلك، هو: مَن يبيع الوهم؟ وكيف يصنعه، ومن أين له بتلك الحرفية العالية، في إبداع تفاصيل من ضباب، لها شكل جذاب من دون أي مضمون يُلمس؟

بائع الوهم هو من يصنع الوعود وينسى الوفاء بها، من يمنح الأمل ويتبعه بالخذلان، من يرسم مخطط السعادة، ليسكب عليه حبر التعاسة فيما بعد، من يصنع الأحلام، ثم ينسفها بالكوابيس، من يكتب الأشعار الحالمة، ثم يختار لها لحناً حزيناً..

قد تكثر التشبيهات، والمعنى واحد، بائع الوهم شخص خبير في سرقة الفرحة، يتغذى على الوعود الكاذبة، التي تصنع السعادة المؤقتة، المتبوعة بكسر، قد يهشم ما بداخلك.. وتحتاج فيما بعد لكثير من الوقت لتجبره، وتلملم أشلاءك النفسية المحطمة. غالباً بائعو الوهم، يحملون صفات مشتركة، فهم اجتماعيون، يعاشرون الجميع من دون تردد، غير مسؤولين عما يقولون، أو بما يعدون، ويرددون عبارة «نعيش اللحظة» باستمرار، تلك العبارة السامة القادرة على تدمير أحلام كثيرة.

كم لحظة في حياتنا لنقدمها على طبق من ذهب للآخرين، من دون أمل في البقاء أو الاستمرارية؟ هل خلقت لحظاتنا لنتبرع بها لأشخاص يعيشونها ويرحلون؟ هل نحن محطّات عبور، نبيع المشاعر ونقدم السعادة في لحظات نشوة عابرة، لا مستقبل لها؟ فبائع الوهم، هو ملِك البحث عن اللحظات العابرة، وغالباً ما تكون لديه حياة موازية لما يُظهرها للناس، قد يملك جانباً مظلماً، يكون فيه هو الضحية بدل الجلاد، تُمارس عليه الضغوطات، ويتم استغلاله والانتقاص من شأنه. وبما أن تفكيره محدود وقدرته على المواجهة شبه معدومة. يقرر خلق حياة موازية، يكون هو بطلها، بلحظات عابرة، غير مبالٍ بمحطّات العبور، وغير مهتم بالمشاعر التي يدعسها في كل محطّة.

و ضحايا بائع الوهم، عاشق اللحظات العابرة، غالباً ما يكونون بسطاء، حالمين، يعتمدون على مخيلتهم وعواطفهم، يحسنون الظن بمن حولهم، كما أن خبرتهم في الحياة تكون شبه معدومة. أو فيهم الكثير من روح الطفولة، ينعمون بمخيلة تعتمد على ما جمعته من أعمال الكرتون الخيالية.

ما لا تعرفونه، هو أن ملوك العاطفة الحالمين، من يُسلِّمون المشاعر زمام الأمور، هم أكبر فريسة لبائعي الوهم، لأنهم يسهل السيطرة عليهم، بكلمات رقيقة، وتصرفات أنيقة، وبعض المواقف الحالمة.




قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.