أمين بنكيران
المدير الجهوي فاص تيفي
مراكش آسفي
تعيش ساحة جامع الفنا، القلب النابض لمدينة مراكش ووجهتها السياحية الأشهر، على إيقاع ورش متجدد لإعادة التهيئة والتنظيم، في إطار رؤية تروم استعادة رونق هذا الفضاء التاريخي وترتيب فضائه بما يليق بمكانته المصنفة تراثاً إنسانياً عالمياً من طرف اليونسكو.
الحملة التي تباشرها السلطات المحلية والأمنية منذ أسابيع، أسفرت عن تحرير عدد من المساحات العمومية التي كانت محتلة من طرف مقاهٍ ومطاعم توسعت خارج حدودها القانونية، في خطوة نالت استحساناً واسعاً لدى المواطنين والفاعلين الجمعويين، لما تعكسه من إرادة في فرض النظام واحترام القانون.
غير أن المشهد لم يخلُ من مفارقات، إذ ما تزال أعين المتتبعين تتجه نحو مقهى “أركانة”، حيث يقف جدار جانبي مشيّد فوق الملك العمومي، في موقع مثير للجدل، بعدما ظل قائماً رغم قرارات الهدم التي طالت منشآت مشابهة في نفس الفضاء.
ووفق ما عاينته الجريدة، فإن هذا الجدار يحتضن عدادات الماء والكهرباء الخاصة بالمقهى، ما يجعله عملياً جزءاً من بنيته الأساسية، رغم كونه خارج حدوده القانونية، وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول سبب استثنائه من قرارات الهدم، في ظل تعليمات صارمة بتطبيق القانون على الجميع دون تمييز.
مصادر مطلعة أكدت أن العملية الجارية تدخل ضمن خطة شاملة لإعادة تأهيل ساحة جامع الفنا وتنظيم أنشطتها التجارية والفنية بما يحافظ على طابعها الأصيل ويضمن التوازن بين متطلبات الاستثمار واحترام الفضاء العام. غير أن استمرار بعض المخالفات المحدودة، مثل حالة “أركانة”، يهدد بإضعاف الثقة في هذه الجهود ويفتح الباب أمام الشكوك بشأن عدالة تطبيق القرارات.
في المقابل، تواصل الساحة أشغالها الكبرى في التبليط والترميم وتحسين الإنارة وتنظيم الفضاءات الشعبية، في إطار مشروع يروم تعزيز جاذبية المدينة الحمراء وتثمين موروثها الثقافي والفني الفريد.
وبينما تستمر ورش الإصلاح والتجديد بخطى متقدمة، تبقى الأنظار مشدودة إلى مآل الحائط المثير للجدل، في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الجارية حول الجهة التي سمحت ببنائه أو غضت الطرف عن استمراره، وسط تأكيد رسمي على أن لا أحد فوق القانون، وأن الفضاء العام خط أحمر لا يقبل الاستباحة.

