حوار مع مدير المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش حول اعلان مراكش عاصمة للثقافة في العالم الاسلامي 2024.

جريدة فاص

بعد الاعلان الأخير من طرف المدير العام للإيسيسكو، أن مدينة مراكش عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لعام 2024، أجرت جريدتنا هذا الحوار مع الدكتور عبد الغني الطيبي مدير المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش، والذي هو بالمناسبة ممثل كرسي اليونيسكو بالمغرب في “البناء بالتراب، ثقافات البناء والتنمية المستدامة”، للاجابة على مجموعة من الاسئلة التي تخص هذا التتويج المستحق لمراكش الحمراء.

– كيف استقبلتم تتويج مدينة مراكش كعاصمة للثقافة في العالم الاسلامي 2024؟
أكيد أن مدينة مراكش العريقة تستحق هذا التتويج لانها تجمع ما تفرق في عدد من المدن التاريخية في العالم الاسلامي، فهي تجمع بين حضارة تاريخية وإشعاع فكري، لا سيما وأن مراكش تتميز بذكاء هندسي وعمراني خاص يظهر من خلال الفن المعماري الأندلسي، والعمارة الإسلامية للمساجد والقصور. بالإضافة الى حفاظ ساكنتها على مجموعة من الطقوس والأساليب التي لها امتداد ثقافي اسلامي يعكس نمط العيش ويزكي طرح الاكتمال بين التراث المادي واللامادي.
كما ينبغي الاشارة الى أن مراكش تعتبر أيضا من المدن المدرجة على قائمة التراث المادي والغير المادي للإنسانية لليونيسكو، لاعتبارها تشهد طفرة وتطور عمراني وحضاري بفضل البرنامج الملكي “مراكش الحاضرة المتجددة”، والعمل المستمر لجميع المتدخلين سعيا لتحقيق الاهداف المنشودة من جميع السياسات والبرامج المهتمة بالمدينة.
– ماهي أهمية الاعلان عن مراكش عاصمة التراث الثقافي الاسلامي 2024.
اولا الاعتراف بالمدينة كعاصمة التراث الثقافي الاسلامي له دلالة عميقة خصوصا وأن بلدنا المغرب تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده يعطي قيمة كبيرة للتراث والثقافة الاسلامية لضمان استدامتها للاجيال القادمة، بالإضافة إلى تكوين أجيال من الاطر والمهندسين حتى نبرز قيمة المؤهلات التراثية التي تتوفر عليها بلادنا من طنجة الى الكويرة، ثانيا سيكون هذا الاعلان مناسبة لاستقبال مدينة مراكش مجموعة من التظاهرات والأحداث الثقافية والفكرية والفنية تبرز الحضارة الإسلامية، وفرصة كبيرة لابراز مؤهلاتها الحضرية، ومعالمها السياحية، وما تتوفر عليه من تراث غير مادي، ومن مواقع أثرية، بشكل يتماشى والإشعاع السياحي لعاصمة النخيل.
– باعتباركم أحد المؤسسات الفاعلة التي تشتغل على التراث المراكشي، ماهي آخر الانشطة والبرامج التي عملتم عليها في هذا الصدد؟
أكيد أن المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش منذ تأسيسها بمدينة مراكش وبتوحيهات وزارية لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والاسكان وسياسة المدينة، أخدت على عاتقها الاهتمام بقضايا المدينة المعمارية والثقافية أولا من خلال تكوين جيل من المهندسين المعماريين واعي جدا بقضايا التراث والتاريخ الهندسي والمعماري وتمكينه من الاساليب والادوات الاحترافية لمعالجة مشاكلها وتطوير مؤهلاتها وجعلها فضاءا وقبلة لباقي المؤسسات الاكاديمية والجامعات الدولية كنموذج يضرب به المثال عالميا.
كذلك عملت المدرسة على الانفتاح من خلال أنشطتها على مجموعة من الفاعلين الترابيين من جماعات ترابية وفعاليات جمعوية ومؤسسات ثقافية، ومواطنات ومواطنيين من أجل تبادل الخبرات والتجارب والتأطير المستمر، وتحسيس الفاعلين باهمية التراث والبحث عن سبل جديدة لابرازه وتسويقه وطنيا ودوليا، وفي هذا الصدد حققت المدرسة مجموعة من الشركات الوطنية والدولية المهتمة بقضايا التراث والثقافية خصوصا فيما يتعلق بترميم المدن العتيق وتأهيلها ايكولوجيا وضمان استدامة معالمها، كما عملت المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش على المساهمة في مجموعة من الانشطة المحلية بمراكش وعلى سبيل المثال لا الحصر الموسم الاخير لتقطير الزهر الذي تنظمه جمعية المنية مراكش لاحياء تراث المغرب كل سنة والذي حظي بالاعتراف من طرف منظمة الاسيسكو كتراث مغربي اسلامي ، بالاضافة الى اشتغال المدرسة مع الجمعية المذكورة وجمعيات محلية اخرى ، حول دراسة ترميم حي القصور بمراكش وجعله نموذج لباقي أحياء مراكش التي تشهد يوما على يوم ترميم أسوار وهيكلة أحياءها العريقة.
ومن أهم هذه الانشطة الاشعاعية الكبيرة ملتقى المعمار الدولي الذي تنظمه المدرسة كل سنة والذي اخترنا له هذه السنة موضوع التنوع الثقافي وأهميته في مجالات الهندسة المعمارية والتدريس.
وتسعى النسخة الثامنة من الملتقى الذي هو الوحيد من نوعه بالمغرب، والذي ستستمر بالمناسبة فعالياته الى نهاية شهر أكتوبر المقبل ، إلى تسليط الضوء على أهمية التنوع الثقافي في تصميم المدن والمناطق الحضرية، وكيفية استغلاله في إثراء الهوية الثقافية للمناطق المختلفة. كما يركز الملتقى على دور التعليم والتربية في تعزيز التنوع الثقافي والوعي البيئي. وكذا كيفية خلق جسر التعاون والتبادل الثقافي بين المؤسسات الأكاديمية والهندسية والمعمارية في مختلف أنحاء العالم، وتحفيز الطلاب على التفكير الإبداعي والابتكاري في مجالات الهندسة المعمارية والتدريس.
-كلمة أخيرة ؟
اعلان مراكش عاصمة للثقافة في العالم الاسلامي جاء نتيجة عمل ومجهودات كبيرة وهو بمتابة شهادة للجميع بأننا في الطريق الصحيح لتحقيق الانجازات اللازمة للمخافظة على المكانة العالمية للمدينة، وبهذه المناسبة أهنئ جميع الفاعلين والمتدخلين للنهوض بمدينة مراكش، وأخص بالذكر السيدة فاطمة الزهراء المنصوري عمدة مدينة مراكش الذي عملت على تحقيق المشاريع التنموية في مجالات مختلفة، وهذا بشكل تشاركي، الشيء الذي جعل ديناميات حقيقية تتحرك من أجل الدفع بعجلة التنمية لكل من موقعه، كما لا أنسى السلطات الاقليمية والجهوية المتمثلة في شخص السيد الوالي الذي ما فتئ يقدم لنا دعمه المتواصل ويسهر على تحقيق الالتقائية بين جميع الادارت المعنية للنهوض بالشأن المعماري والثقافي للمدينة ،؛ ولن أنسى الجسم الصحفي الفاعل الذي يساهم في التسويق الترابي للمدينة وكذلك تنوير الرأي العام بمؤهلاتها وتسليط الضوء على التجارب الناجحة. نتمنى أن نكون عند حسن ظنكم، وشكرا جزيلا على استضافتي في هذا الحوار الجاد.




قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.