ذ / صالح اليوسفي
قد يبدو الحديث عن الأخلاق في ظاهره ضربا من السهولة، فالجميع قادر على صياغة كلمات تزينها الحكمة والقيم، لكن الحقيقة أن الأخلاق لا تقاس بما نقوله بل بما نفعله، فهي ليست شعارات ترفع ولا خطب تلقى ، بل هي عبارة عن أفعال تترجم القيم في أرض الواقع، حيث نلاحظ أحيانا أن الكلمات قد تخدع و لا تكشف المعدن الحقيقي للإنسان ، ذلك أنه من السهل أن تعلن الصدق، لكن من الصعب أن تلتزم به في مواقف الاختبار ، ومن البسيط أن تبدي احترامك للآخرين في حديثك، لكن ليس من السهل أن تحافظ على هذا الاحترام ، حين يختلفون معك أو يعارضونك.
الأخلاق عمل مستمر، مسؤولية يومية، واختبار دائم للنية والعمل. ليست أخلاقك ما تفعله أمام الناس فقط ، بل هي أيضا ما تفعله وما يصدر منك ، حين تكون بعيدا عن الأنظار ، وحين لا ينتظر منك أحد موقفا شريفا أو تضحية نبيلة، وبذلك فهي ليست ادعاء، بل أصالة لأنه كلما زادت الفجوة بين ما نقوله وبين ما نفعله، كبرت المسافة بيننا وبين القيم الحقيقية.
فلنكن صادقين مع أنفسنا أولا ومع أفعالنا ثانيا، لأن العالم لا يحتاج إلى خطباء جدد ، بل إلى نماذج حية تلهم الآخرين دون كلمات…