الحوارية في الرواية….

ذ عبد الكريم العباسي

الحوارية في الرواية هي نظرية نقدية تركز على تعددية الأصوات وتفاعلها داخل النص الأدبي، حيث يتفاعل السرد والشخصيات بأساليب تعبر عن التنوع في الآراء والأفكار. يعد الفيلسوف والأديب الروسي ميخائيل باختين من أبرز رواد هذه النظرية، وقد وضع أسسها في سياق روايات الكاتب فيودور دوستويفسكي، حيث اعتبر أن الرواية مجالا تتعدد فيه الأصوات وتتداخل بطرق تعكس تعددية الأفكار والمواقف.

نظريات الحوارية

تنطلق نظرية الحوارية من رؤية أن النص الأدبي ليس كيانا مغلقا أو أحادي الصوت، بل هو ساحة تفاعلية تتجلى فيها مختلف الأصوات وتتناقض وتتحاور فيما بينها، مما يمنح الرواية عمقًا فكريا وحيوية. أهم المفاهيم في الحوارية تشمل:
تعددية الأصوات Polyphony:
حيث تعطى كل شخصية صوتا مستقلا يعبر عن رؤيتها الذاتية للعالم، دون أن يتم فرض صوت السارد أو المؤلف عليها.
الحوار المتبادل Dialogism:
يؤكد هذا المفهوم أن الحوار يتعدى الحوار المباشر بين الشخصيات ليشمل كل عناصر النص، بما في ذلك العلاقة بين الشخصيات والأحداث والأسلوب.
النص المفتوح:
لا تفرض الرواية نهاية مغلقة أو استنتاجا موحدا، بل تبقى مفتوحة أمام القراء لتحليلها وفهمها بطرق متعددة.

رواد الحوارية

ميخائيل باختين:
يعد الرائد الأساسي لهذه النظرية من خلال كتاباته، مثل “قضايا شعرية دوستويفسكي”، حيث ركز على روايات دوستويفسكي كنموذج للرواية الحوارية، وقد طور أفكارا أساسية حول التعددية في الصوت والحوارية.
جيرار جينيت:
رغم أن تركيزه كان على السرديات والشكل السردي، إلا أن مفهومه حول “ما وراء النص” و”التداخل النصي” ساعد في فهم تفاعل النصوص والأصوات داخل الرواية.
جوليا كريستيفا:
طورت مفهوم “التناص”، والذي يعتمد على فكرة أن النص هو شبكة من النصوص المتفاعلة، ما يجعله فضاء حواريّا يشمل تأثيرات وأصوات متعددة.
تودوروف:
ساهم في تطوير فهم أوسع لأفكار باختين حول الحوارية من خلال أعماله حول “الشعرية” والنصوص الأدبية.
جانيت مالكولم:
اشتغلت على تحليل الأعمال الأدبية من خلال منظور الحوارية، حيث اهتمت بتفاعل الشخصيات والصوت السردي.
واين بوث:
رغم أن اهتمامه الأساسي كان بمفهوم “السارد الضمني”، إلا أن أفكاره أثرت في كيفية فهم الحوارية كطريقة للتعبير عن تعدد المواقف.




قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.