جريدة فاص
احتضنت مدينة الداخلة مؤخرا ، لقاء تواصلي في إطار تغيرات المسار الأممي لحل النزاع حول الصحراء حول موضوع بناء ديبلوماسية استباقية مع الجزائر لحوار الحسم و مقاربة تفعيل الحكم الذاتي انطلاقا من النموذج الفرنسي.
الندوة قامت بتنظيمها جمعية الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي بجهة الداخلة وادي الذهب، وساهم في إغناء نقاشها ثلة من الباحثين والمهتمين والمختصين في العلاقات الدولية، نوه خلالها عبد الله بوحجر مدير المركز الجهوي للاستثمار بما تحقق في الواقع التنموي للمنطقة، وبالاهتمام المتواصل بخلق فرص الاستثمار والتشغيل، حيث قام بتشخيص مدقق لأهمية ما تشهده جهة الداخلة وادي الدهب من نمو متواصل على جميع الأصعدة، مؤكدا أن هده الطفرة لا يمكن أن تتواصل إلا في ظل السيادة المغربية ووفق رؤية جلالة الملك التنموية، مشددا على اهمية الجغرافية الاقتصادية على الجغرافية السياسية، مضيفا بأن الدولة قامت منذ استرجاع الأقاليم الجنوبية باستثمارات كبيرة من اجل تحقيق الاستقرار، بحيث اصبحت المنطقة ذات امكانيات يمكن تسويقها، وبفضلها تحولت جهة الداخلة وادي الذهب إلى قبلة استثمارية تغري المستثمرين الاجانب و كذا المحليين والوطنيين، وفضلا على ما تحقق يضيف ذات المتحدث، فإن العمل منصب الآن على إنضاج مشاريع لفائدة الشباب وتخلق المزيد من فرص الاستثمار عبر توفير البنية التحتية الأساسية من طرق وموانئ وربط جوي ومشاريع مهيكلة من أجل إتمام تنزيل النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية .
الدخيل لبات، المدير الجهوي للاتصال بجهة الداخلة وادي الذهب قدم خلاصات هامة حول العلاقات المغربية الجزائرية والمشكل المفتعل حول الصحراء، معتبرا أن فهم هذه العلاقة في مسارها التاريخي والواقعي كفيل بتدليل صعوبات الفهم التي تطبع كل المواضيع المتعلقة بالوضع المغاربي، سواء فيما يتعلق بتعثر بناء الاتحاد المغاربي أو فيما يتعلق بالعلاقات التي تربط هذا المحيط الجغرافي بالدول الاوروبية ، مؤكدا أن السمة الغالبة على العلاقات المغربية الجزائرية هي التوتر والاحترام، مبرزا تطور هذه العلاقات والعوامل المؤثرة فيها، كالمستوى التاريخي والايديولوجي الذي يطبعه التباين بين البلدين، و الخلاف الحدودي بين الدولتين و دور التحالفات الدولية والعلاقات الخارجية في إذكاء التنازع والخلاف بينهما، ليخلص إلى أن النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية هو رهان جزائري لكي لا يطالب المغرب بالصحراء الشرقية .
لبات الدخيل أشار إلى أن هناك امكانية لتسوية الخلاف بين البلدين، خصوصا مع التطور الحاصل في الحراك الشعبي للجزائر، وتطور مسلسل التفاوضي حول ملف الصحراء وانكشاف الدور الجزائري في دعم أطروحة الانفصال وهو ما سيشكل تحول موقف المنتظم الدولي من طبيعة هذا الملف، مضيفا بأن المغرب شهد تحولا ديموقراطيا، أنتج دينامية سياسية في التعاطي مع الملفات الداخلية والخارجية، حيث اقترح الحكم الذاتي لإنهاء المشكل المفتعل، وهو المقترح الذي لقي تجاوبا دوليا كبيرا بالمقابل بقيت الواقف الجزائرية القديمة حبيسة نفسها بل اصبحت الكثير من الدول محرجة في دعمها في هذا الاتجاه ، كما أن عودة المغرب إلى حاضنته الإفريقية، بدد كثيرا من الغيوم وجعل العديد من الدول تراجع مواقفها بخصوص هذا الملف .
الدكتور يوسف شهاب استاد العلوم الجيوستراتيجية بجامعة باريس 13 و المستشار السابق في الأمم المتحدة بمنطقة المغرب العربي وشمال إفريقيا للتنمية قدم خلال هذه الندوة ثمرة لقاءات جمعته بفرنسا مع أكاديميين جزائريين وكوادر بجبهة البوليساريو بالإضافة إلى لقاءات أخرى مع محللين ومفكرين وسياسيين مهتمين بملف شمال إفريقيا، تم خلالها جرد العديد من عوائق التي تحول دون بناء اتحاد مغاربي، قائلا لقد ” حان الوقت لتبني الديبلوماسية الاستباقية بدل الديبلوماسية العدواني التي انتهجت طيلة السنوات الماضية” على اعتبرا أن هناك خلاصات ستعتمدها الأمم المتحدة في تبني أي حل لقضية الصحراء ، من بينها فشل الديبلوماسية الرسمية في الخروج من قفص الإيديولوجيا والتاريخ والانتقال إلى ديكتاتورية الجغرافيا واعتبار التراشق بين المغرب والجزائر هو إضاعة للجهد والثروات “4,5 مليار دولا سنويا” وأن المواجهة العسكرية بين المغرب والجزائر هو انتحار سياسي .
يوسف شهاب نقل العديد من مطالب النخب المهتمة، والتي تطالب بجزر المواقع الإلكترونية التي تذكي نار الفتنة بين البلدين وبين المحتجزين في مخيمات تندوف لأن لغة التفاوض السياسي تفرض نوع من اللباقة وحسن التعامل، و كف الدعم العسكري الجزائري لجبهة البوليساريو لأن هذا مطلب مرفوع من الإخوة الجزائريين لأنه لا يمكن أن تستمر الجزائر في توفير 350 مليون دولار سنويا لتمويل الانفصال، ذات المتحدث أفاد بأن الخبراء أجمعوا على ضرورة توضيح موقف فرنسا من المشكل و الاحتكام إلى الحتمية الجغرافية و الامتناع عن الخرجات الاعلامية لبعض السياسيين و العمل على بناء شمال إفريقيا بتدرج والكف عن التسابق نحو التسلح.
وفيما يتعلق بمقترح الحكم الذاتي اكد شهاب بأن مزايا هذا النظام جعلت العديد من الدول تعتمده بما في ذلك أعرق الديموقراطيات الأوروبية، والتي من بينها فرنسا ، مشيرا إلى أن هناك 54 قضية انفصال مسجلة في الامم المتحدة منها 24 في إفريقيا كلها مجمدة معتبرا أن المغرب ليس الدولة الوحيدة التي تشكو من هذه النزعة ، مضيفا بأن الحكم الذاتي هو قاطرة للتنمية ويشكل نظام متقدم لحماية الهوية الثقافية وأحسن سيناريو للخروج من البيروقراطية المركزية، بحيث ان بناء القرار التنموي يصبح محلي، كما يمنح فرصة لتشكيل وحدة ترابية للتشريع المحلي وبإمكانه أن يسمح للإقليم الذي يتمتع به بأن يبرم شركات دولية دون المرور عبر المركز
معتبرا أن هذا المقترح من شأنه أن يرفع من مؤشر التنمية عل غرار ما حققه في العديد من الدول .
جريدة فاص