زاكورة وأزمة الفيروس المزدوج( كورونا و العطش)

جريدة فاص

ايت حمو يحيى محمد

من المأساة التي تقض مضجع ساكنة زاكورة كل صيف فيروسٌ لا يقل خطورة عن الفيروسات التي تفتك بالصحة وتشل التفكير، ففي الوقت الذي يستقبل الناس في مدن أخرى فصل الصيف ببرامج التخييم والسفر يستفيق الناس هنا بالمدينة والقرى التابعة لها على كابوس العطش، ينضب الماء في الآبار، وتمتص هكتارات البطيخ الأحمر ما تبقى من الفرشة المائية ولا بديل سوى خوض رحلة البحث عن البقاء، معاناة حقيقية بل مأساة يومية يعيشها المواطن في “الغزالة زاكورة ”

هل جربتم أيها الأصدقاء أن تظلوا حبيسي هذه العقدة، أن يظل همكم وشغلكم الشاغل كل دقيقة وكل ثانية هو التفكير في الماء، الفكرة التي تدور في الرأس صباح مساء هي كيف السبيل إلى الماء، الماء، الماء؟ هذا الإشكال ليس وليد اليوم أو الأمس إنما يعود إلى ماض
بعيد، منذ تشييد سد المنصور الذهبي، ثم زادت حدته مع موجات الجفاف المتواصلة ليتفاقم الوضع ويتأزم أكثر مع دخول مُلاك الضيعات الفلاحية الذين يستثمرون في “الدلاح “. كم يحز في النفس وأنا أرى على طول واحة درعة الناس يتسابقون ويتراشقون بالكلام للظفر بحصة كافية من الماء ليوم واحد في درجة حرارة تفوق الأربعين.

هذه المنطقة التاريخية التي خلدتها كتب التاريخ، و ظلمتها الإدارة المركزية حين وصفتها ب المغرب الغير النافع ، علما أنها المصدر الأول للمعادن، ومشتلا للكفاءات في مجالات متعددة تعاني في صمت. هل فكر فيها المسؤول يوما؟ يعي خطورة هذه الأزمة التي أجبرت السكان على الهجرة نحو مدن أخرى يجدون فيها ما لم يجدوه في زاكورة البؤس والعطش ؟

إذا كان فيروس كورونا قد فرضَ على الناس الاختباء في منازلهم درءا للخطر فإن الخطر هنا مزدوج، فيروس العطش في المنازل إذا ظلوا في بيوتهم وفيروس كورونا في الخارج حين يخوضون رحلة البحث عن الماء، وما بيدهم إلا أن يصرخوا بحناجر مبحوحة “هما أمران أحلامها مرّ” .

هنا حيث يصارع سكان الهامش قساوة الطبيعة، هنا حيث الإقصاء الممنهج منذ عقود، تسقط نظرية السيد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني حين قال : “حل الروبيني تلقا الماء”.




قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.