وضعية المثقف مابعد جائحة كورونا…

بقلم ذ هشام حسنابي

يعيش المثقف في غربة و في سجن فكري يكون حاجزا بينه و بين بلوغ المتعة الأبيقورية و مباهج الحياة، فهو محجور عليه فكريا داخل مجتمع يعيش التسطح الفكري من فعل الموروث الذي قبلناه دون إعمال العقل كما دعانا ابن رشد، و تشربته ثقافتنا حتى أصبح عادات مثخمة بقيود الأحكام القطعية، و جاهزة لإسقاط الواقع عليها وليس العكس،في الحقيقة مثقفوا اليوم يجدون فرصة في هذا الحجر للإنطواء على الذات ، و هذا التوجس و الإحساس بالمفاجأة هو نتيجة الموروث الأحدب الذي ورثناه عن المشايخ ، بينما ثراثنا الحقيقي هم علماؤنا و أطباؤنا الذين قتلوا و اظطهدوا وأحرقت إبداعاتهم و كتبهم على يد القساوسة و رجال الدين ، إنطلاقا من أبقراط و جالينوس و إبن سينا و الرازي و إبن النفيس و غيرهم، الذين تركوا لنا أزيد من 70 كتابا لم تصلنا منها إلا ستة كتب تتحدث عن الأوبئة و كيفية الإحتراز منها، ووضعوا لنا استراتيجيات لكيفية تشييد مدن مرتفعة في مجرى رياح الشمال التي تعتبر مقاومة للأوبئة في ذاتها ،فهذا هو موروثنا الحقيقي..
أستحظر مقولة هرقليطس الشهيرة أن لا شيء يستمر سوى التغيير ، و يطرح الوضع بشدة مبدأ الإنتخاب الطبيعي الدارويني، فإذا لم نتغير للأفضل و لم نتكيف مع المتغيرات الجديدة، سننزوي عن هذا العالم الذي يتطور بسرعة . و مسألة التغيير هاته تتعلق بإرادة محظة للنظام الحاكم و مدى ملائمة سياساته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للنظام العالمي الجديد المتوقع بعد الجائحة ، أتوقع تغييرا جدريا على جميع المستويات، و اعطي مثالا لمشروع neuralink لعالم الذكاء الاصطناعي إيلون ماسك ،وهو مشروع إعداد البشرية الى ما بعد الإنسانية،مشروع ليس فيه حظ للإنسان الجاهل .
ستتأثر العلاقات الاجتماعية و داخل العوائل بقدر الاذى الذي لحق بها،سيخرج أفراد العائلة الواحدة من هذا الحجر على قدر من المعرفة لبعضهم البعض، جراء تقاسم التفاصيل الصغيرة بالتناوب على المرافق و ستتولد لدينا فكرة عن طريقة إعداد منازل قادرة على استيعاب الملل الذي يتول جراء المكوث في البيت لمدة طويلة،سيختلف التأثير حسب تركيبة الأسرة و مستوى تعليمها و و مستوى عيشها.
طفت السطح أولويات جراء الخصاص الماس لاطر ميدانيين من أطباء وعلماء بيولوجيين و بنيات تحتية و مراكز أبحاث، ودراسات تستشرف المستقبل ووازماته و اقتراح خطوات استباقية تجنب بلادنا حدة الأزمات .
أصبح ضروريا على الدولة و المجتمع ترتيب أولوياته ، بحيث يكون هناك إجماع على ضرورة التناغم بين أفراد المجتمع و جبر الضرر و تصحيح اخطاء الماضي.




قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.