– الركيزة العاشرة: مقاومة “السلفية اليسارية”

للخروج من “السلفية اليسارية” والتخندق الأيديولوجي، نصَّ الطريق الرابع منذ انطلاقته الأولى، على أن الحرية شرط أساسي لإعادة بناء اليسار، كما اعتبر “اليسار الآخر و الممكن” شرطا للديمقراطية التعددية.

و إسهاما منه في إثراء الحوار و فتح آفاق جديدة لعموم المواطنات و المواطنين بغية تجاوز الأسباب و العلل التي أفرزت الأزمة الحالية، و وعيا منه بطبيعة التطور الاقتصادي و الاجتماعي الراهن في مجتمعنا، يسعى الطريق الرابع للمشاركة العلمية و العملية في استنهاض طاقة اليسار الحق، و بث قيمه المثلى، لبلورة رؤية مشروع نهوض مواطن، عن طريق العمل وسط الشعب، بعيدا عن تقاليد و أعراف و طقوس الأحزاب اليسارية التقليدانية، مما يجعل الطريق الرابع مشروعا خلاقا نظريا و عمليا، حاملا لهموم الشباب المغربي و مؤمنا بتحويل قدراتهم و طاقاتهم إلى مشروع تغيير حقيقي، و ليس إلى مجرد “ديكور يساري” أو رقم إضافي بلا معنى و لا روح.

إن الطريق الرابع، وفق هذا المنظور رؤية جديدة بعيدة عن النرجسية الذاتية والأنانية التنظيمية المقيتة التي اتسم بها ما تبقى من اليسار الذي عجزت قيادته على تحويل استياء المواطنات و المواطنين إلى قوة شعبية من أجل التغيير، إذ لا يخفى على القاصي و الداني أن قيادة ما تبقى من اليسار ، قد عجزت عن تقديم تصور واضح لشكل الدولة التي تؤمن بها، كما فشلت في تقديم برنامجها الاقتصادي و السياسي. مما جعلها سابحة في “فوبيا المخزن” و مستمرة في تعطيل الفكر و هدر الوقت و الجهد و اجترار أزمتها العميقة في صمت متواطئ مع السلفية النكوصية بشكل أو بآخر.

من هنا، تغدو العودة إلى الأهداف المؤسسة للطريق الرابع، عودة إلى الالتزام بالواقعية و مقاومة “السلفية اليسارية” و الجمود الفكري و العطالة النضالية التي ابتلي بها ما تبقى من اليسار، فضلا عن عدم الوقوع في أسر الماضي و الحنين إليه من جهة، و كذا خلق مداخل نقدية للوعي بحركة و تناقضات المجتمع و استيعاب مكوناته الاجتماعية و السياسية والاقتصادية و الثقافية من جهة ثانية.

فمعلوم أنه رغم الحالة السلبية التي وصل إليها اليسار المغربي، فإن ما تبقى منه مازال للأسف يروج لمشاريع ضبابية سلفية، أسيرة رؤية لم يعد يربطها بعالم التحولات المتسارعة أي ارتباط، في ظل تراجع خطير لتنظيماته و للإطارات الموازية له و للنقابات المحسوبة عليه.
كما أن اختباءه وراء “الشرعية التاريخية”، حول فكر وقيم اليسار التحرري إلى “يسار سلطوي” يحتكر العمل السياسي و الحزبي، و يبرر عزلته بلغة غامضة و غارقة في الشعبوية حتى النخاع.

و بناء على ما ذكر، فإن “اليسار الآخر و الممكن” الذي يدعو له الطريق الرابع، هو يسار يكفر بكل ممارسات بقايا اليسراوية ، لأنه اختار أن يكون يسار الفكر الباني و النظر النقدي العقلاني، الداعي لقراءة الأزمة المجتمعية التي نجتازها، قراءة علمية، بدل خنقها و تسطيحها و إغراقها في نقاش الإصلاحات الدستورية و أشكال و طبيعة الحكم ببلادنا.

إن الطريق الرابع، ثبت له بالملموس أن الإسلام السياسي كما هو متعارف عليه سياسيا، شكل من أشكال سرقة الدين، لا يملك بديلا للتدبير المجتمعي، و لا يؤمن بالصراع الاجتماعي، لعجزه عن تقديم بديل اقتصادي، مادام البديل في جوهره هو اقتصادي بالدرجة الأولى، و لأن الصراع في عمقه هو صراع بين المساواة و اللامساواة، و بين العدالة الاجتماعية و اللاعدالة اجتماعية، قبل أن يكون صراعا طبقيا.
يتبع…




قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.