«أسطورة مركزية الإنسان» من أصل الأنواع

ذ هشام حسنابي

إن تفصيل المشتبهات الكائنة بين الإنسان و الحيوانات العليا ، من حيث تركيب الدماغ و بقية أجزاء الجسم ، لأن ذلك يتعلق ببحوث تشريحية و ذلك لا محل لها هنا ، و لكن ذلك لا يمنع بديهة من ملاحظة ظواهر عامة ،ان كانت لا تتعلق مباشرة أو ظاهرة بالتركيب العضوي ، فإنها تثبت بجلاء ذلك التجاوب أو تلك الصلة الكائنة بين الإنسان و الحيوان

إن إنحدار الإنسان من أنواع أحط منه يجعله يتلقى منها امراضا معينة كالسعار و الكلب و الذئبة و الزهري و الكوليرا و الهرص و غير ذلك ،على صورة من الجلاء و الوضوح ، فالسعادين النسانيس عرضة لنفس الامراض غير المعدية التي يتعرض لها الإنسان ،بعد أن عكف ريخر على ملاحظة نوع منها يسمى الحودل الازاري ،ان هذا السعدان كثير الاستجابة للزكام بنفس اعراضه المعروفة ، و ان الزكام إذا عاوده في فترات قريبة فقد يكون سببا في ان يصاب بالسل ، و تصاب هذه السعادين أيضا بالحمرة و التهاب الامعاء و بياض العين كما لوحظ أن صغارها قد تموت و هي تشق اسنان اللبن،
و العقاقير فيها نفس تأثيرها في الإنسان ،و كثير من السعادين تهوى الشاي و القهوة و المشروبات الروحية و تدخن السجائر بلذة كبيرة ،و يؤكد برهم أن سكان شرق اسيا يصطادون الربابيح جنس من السعادين الكبيرة بأن يتركوا بمقرلة من مرابعها أوعية مفعمة بالمريسة البوظة فتشرب منها حتى تثمل
و يقول برهم أنه رأى بعض هذه السعادين و كانت مأسورة عنده فقال إنها في اليوم التالي كانت في خمار شديد ،كظيمة خائرة القوى ، تمسك رؤوسها المصدعة بأيديها، معبرة عن آلامها بما يثير الشفقة بها و العطف عليها ، فإذا قدمت لها المريسة أو الخمر عافتها و تنكرت لها ، و استحبت شراب الليمون
و عرف عن سعدان امريكي من جنس الكهول خمر مرة بشراب البراندي ، فعافه ولم يمسه مرة أخرى ،فكان بذلك اعقل من الإنسان ، و هذه الحقائق على بساطتها ، تظهر الى أي حد تصل المشابهة بين أعصاب الذوق في الإنسان و السعدان و على اي صورة من التماثل يتأثر الجهاز العصبي فيهما.
قد نلاحظ أن الجروح في الإنسان تلتئم بنفس الطريقة التي تلتئم بها في الحيوان ، فاحكم تلك السنة الخفية تعرض الكائنات على حد السواء لظواهر كالحمل و نضوج الحضانة و بعض الأمراض و مداها ،فبعض الطفيليات الخارجية تصيب الانسان و ترتد على نفس الاجناس او الفصائل من ذوي الثدي.

يبقى أن نقول أن علاقة الإنسان بما هو أدنى منه في عالم الحيوان ، علاقة تتجاوز حد التشابه الظاهري ، بل تتخطى هذه العلاقة الظاهرية ، الى علاقة النشأة و الدم و الاستعداد الفيزيولوجي .




قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.